بعد مائة عام بالضبط، من معاهدة «سايكس - بيكو» (1916)، تعاد صياغة مصير جديد للعرب، ولكن ليس بأيديهم، كما جرى في كل مرة! فما أطلق الغرب عليه أسم«الربيع العربي» ألذي شرع به، عشية الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى (1914- 1919)، التي أكان من ثمارها، إنتاج دويلات لا تملك مقومات الحياة، ها هم «العرب» يواجهون مصيرت مجهولا، مرة أخرى.
قي ذلك الوقت رسم الغرب، خريطة المشرق العربي الحالية، بغد خروجه من الأسر العثماني التركي، وبدت الصورة وكأنه يصنع كيانات "لقيطة"، تمهيدا لزرع كيان "لقيط" هو الآخر، فتشكل الكيان الصهيوني، بعد ثلاثين سنة لا أكثر (1947- 1948)، كي يصبح أساس البناء المشترك، عاملا لقبول الكيان الصهيوني، في محيط غريب عن نوعه!.
تلك هي حكاية تشكل دول المشرق العربي، وكانت البداية على يد بريطانيا، التي زينت للشريف الحجازي حسين بن علي (الهاشمي)، عملية الفكاك من الأسر التركي، بأن العرب أولى بالخلافة من الترك، وهكذا اندفع تحت هوس المُلك، وتشكيل دولة الخلافة، فأعلن «الثورة العربية الكبرى»، مطالباً بتوحيد بلاد المشرق العربي تحت ملكه، متسلحاً بالنسب الشريف والوعد بالدعم البريطاني.
لكن رائحة النفط التي شمتها الولايات المتحدة الأمريكية، هذا القادم القوي الجديد للحياة الدولية، غيرت ما كان قد رسمته بريطانيا، فذهب الدعم إلى عبد العزيز آل سعود، الذي أاجتاح الحجاز بعد سيطرته على نجد، وأقام المملكة العربية السعودية، مدعوما بحاسة الشم الأمريكية القوية!
الوضع الجديد في الجزيرة العربية، والذي صاغته أمريكا، أجبر بريطانيا على ان تغير خطتها، وهكذا عقدت مع حليفتها فرنسا، الخارجة مثلها منتصرة من الحرب العظمى، معاهدة «سايكس ـ بيكو» لتقاسم المشرق (1916).
بعد عام واحد(1917) أعطت بريطانيا، وعد (وعد بلفور)؛ وزير خارجيتها، لقادة الحركة الصهيونية، بإقامة دولة لليهود على ارض فلسطين.
كترضية للشريف المخدوع "حسين" الذي مات كمدا في جزيرة قبرص، بعد أن نفاه البريطانيين اليها، أعطى البريطانيون، مؤقتا لنجله فيصل ملك سوريا، التي قسمها الفرنسيين مع استقرار احتلاله، إلى أربع دويلات على الهوية الطائفية، وسلخ بعضها ليذهب إلى "متصرفية" لبنان، التي صارت "جمهورية"، ثم "منح" بعض شمالها إلى تركيا (لواء اسكندرون وفيه أنطاكية).
في الأردن المنسلخ عن سوريا، لم يجد البريطانيين أكثر إخلاصا لهم، و لحماية المشروع الإسرائيلي العتيد؛ من أحد أنجال الشريف ، فأسسوا له إمارة الأردن، التي تعرف اليوم بالمملكة الأردنية الهاشمية.
لكن ملك فيصل في سوريا لم يستمر طويلاً، إذ طرده الفرنسيون من سوريا بعد اقل من عامين، ليتلقفه البريطانيون مرة أخرى، فيعينوه ملكاً على العراق الحالي، الذي ابتدعوا خريطة سياسية جديدة، وفقا لما أفرزته الحرب العظمى، من تقسيمات فرضت على المشرق العربي، وبفضل بعض التعديلات في الخرائط، وتحت تأثير رائحة النفط النافذة، ضم البريطانيون الموصل إلى العراق.
النتيجة أنه وفي نهاية ثلا ثينات القرن الفائت، كانت أرض المشرق العربي، ممهدة لاستنبات إسرائيل، على ارض فلسطين..
كلام قبل السلام: يجري الآن وبشكل متسارع، وبرعاية الغرب مجتمعا، إستنبات كيان جديد في المنطقة، وها نحن نشهد، عرضاً جديداً منقحاً ومزيداً لما جرى سابقا، حيث شريط التقسيم ومحاولات ابتداع كيانات جديدة..وهذا ما عبر عنه رئيس الأركان الأمريكي مرارا وبوضوح شديد!
سلام...
https://telegram.me/buratha