المقالات

حكومة الدكتور حيدر العبادي والتحديات الكبرى.-القسم الأول

2238 2015-08-27

منذ ثلاثة عشر عاما والأزمات تتراكم في جسد الدولة العراقية التي بشرت بها الطبقة السياسية الجديدة الشعب العراقي بعد أعوام طويلة من القهر والإستبداد والحروب. وآدعت ويابئس الإدعاء بإنها ستجعل من أعوام الحرمان أعواما للأمل والكرامة والشروق. ولكن مرت الأعوام ثقيلة وهي مليئة بالمرارات والإخفاقات والتراجعات.

ولو نطقت هذه الأعوام لقال كل عام للذي قبله لقد جعلتني السلطة أكثر منك سوءا. وقد برزت غيلان الفساد بشكل غير مسبوق وهي تلتهم ثروات العراق بلا رحمة ولا شفقة، وتحولت بعض الوزارات إلى إقطاعيات للوزير وأقربائه والمنتمين إلى حزبه ، وعمد سفراء ووكلاء وزارات ومدراء عامين وموظفين كبار إلى تزوير شهاداتهم ليصلوا إلى مناصب لايستحقونها ومن ثم ليسرقوا أموال الشعب.وأهدرت مليارات الدولارات على آلاف المشاريع الوهمية، ووجد الفساد طريقه إلى كل مؤسسات الدولة من قبل هذه الغيلان التي لاتجيد في قواميسها غير نهب المال العام بشراهة ليست لها حدود وهي ترتكب جرائمها بعيدا عن الحساب والعقاب لما تملكه من نفوذ كبير في مفاصل السلطه .ووصل الصراع إلى مجالس المحافظات على المكاسب والمغانم،وتحولت الموازنات السنوية الضخمة التي فاقت على مئة مليار دولار إلى هباء منثور. وعلى سبيل المثال فقد صرف على الكهرباء أكثر من 40 مليار دولار ولم يطرأ أي تحسن عليها رغم أطنان المواعيد الكثيرة التي أطلقها المعنيون بها بأن أزمتها المزمنة ستنتهي في هذا العام وفي هذا الشهر وتحولت الوعود إلى سراب ، ويمكننا إطلاق إسم عرقوب على كل وزير كهرباء تعاقبوا في هذه الحكومات.

وتحمل الشعب أكثر من إثني عشر صيفا لاهبا تصل فيه درجة الحرارة إلى نصف الغليان والكهرباء في تدهور مستمر. وظلت موارد الدولة تُستنزف من خلال تضخم الدولة بالوزراء الذين تجاوز عددهم على أكثر من 30 وزيرا لترسيخ المحاصصات الحزبية والطائفية التي دمرت الدولة العراقية ونخرت في مؤسساتها علاوة على المناصب الأخرى التي لاتقدم بل تؤخر والتي إستنزفت موارد الدولة كنواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وحماياتهم ومكاسبهم الخيالية. وبرزت أحزاب لاتعرف رأسها من ذنبها في ظل عدم وجود قانون ينظم وجودها، ووصلت سمعة العراق الدولية إلى الحضيض،بعد أن صنفته منظمة الشفافية الدولية بين خمس دول هي الأكثر فسادا في العالم. وآعتبرت إحدى المنظمات العالمية بغداد كأسوأ عاصمة للسكن في العالم. وتدهورت الخدمات الصحية والإجتماعية إلى أسوأ حد عرفه تأريخ العراق الحديث.

وما زال ثلث الشعب العراقي تحت خط الفقر وقد قيل قديما ( يكاد الفقر أن يكون كفرا ) وصار الهم الأول للكتل السياسية التي توالت على السلطة هي كم من الحصص لديها في هذه الدولة وكأنها خلقت لهذا الأمر، ولم ينتبه الحكام إلى المضاعفات الخطيرة لهذا التداعي المستمر وإلى الدم العراقي المسفوح وكأن الأمر لايعنيهم وكل منهم يلقي المسؤولية على الآخر ويدعي وصلا بليلى ويقول أنا الأصلح والأفضل والأنزه .وكأن الفساد الذي لطخ سمعة العراق في الوحل تقوم به أشباح تظهر في الليل وتختفي بالنهار.

وقد بلغ الأمر بأحد الوزراء السابقين وهو الآن يترأس أكبر كتلة نيابية في البرلمان ليقول في مقابلة سمعتها بأذني في فضائية الحكومة: (نحن الدولة الوحيدة في المنطقة والعالم التي لاتفرض ضرائب على الشعب .!!!) والأمر المحزن إن المذيع طيلة فترة المقابلة كان يلقبه بـ ( الدكتور) وهو لايحمل هذا اللقب. وسبقه وزير آخر ليقول في فضائية أخرى ( إن الشعب العراقي تعود على ثقافة البلاش وهذا أمر لايمكن الإستمرار فيه لأنه يضعف إقتصاد البلد. !!!) بهذا الأسلوب المتهافت ودفن الرؤوس في الرمال يتحدث البعض من السياسيين حتى لايروا الحقيقة الفاجعة.

والشعب يرى بعيونه التي تراقب مواسم الإنتخابات وذلك الصرف الخيالي الذي يقوم به من يريد الوصول إلى السلطة ولا يقدم سوى الوعود البراقة الكاذبة حيث لاضمان إجتماعي ولا صحي ولا خدمات تذكر. وقد كان الأحرى بهذين الوزيرين التحدث عن المليارات المنهوبة . وعن التبذير وإهدار المال العام في الوزارات . وعن القصور التي رمموها بعشرات الملايين من الدولارات لتستقبل رؤساء دول مكثوا فيها ساعات. ولم أقل أنا هذا الكلام بل شهد شاهد من أهل السلطة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك