المقالات

من رحم الكعبة ولدت الكوفة

1464 19:03:40 2015-05-07

لحظة لقاء السماء والتأريخ بالأرض، هي تلك اللحظة التي قرر فيها، الإمام علي (عليه السلام) إعلان الكوفة، عاصمة للدولة الإسلامية، ومن هنا بدأت رحلة الأعوام الأربعة، التي أثمرت وأزهرت أربعة عشر قرناً، من دولة العدل الإلهي. في العام السادس والثلاثون للهجرة، أبان تسلم الإمام علي (عليه السلام) الخلافة، ونتيجة للظروف السياسية المعقدة في المدينة المنورة، أتجه أمير المؤمنين صوب الكوفة، وأعلنها عاصمة لدولته المباركة.

يتوارد على العقل سؤال عن أسباب، مغادرته (عليه السلام) للعاصمة الأم (المدينة المنورة)، خصوصاً وأنها مدينة رسول الحق (صلواته تعالى عليه)، ألا أن معرفة الأسباب تبطل العجب، فعبقرية الأمام ودرايته وتسديده الإلهي، جعلته ينأى عن المدينة لأسباب نورد منها:-

أولاً: الكثافة السكانية القليلة نسبياً مع ما تتمتع به الكوفة، وهنا لم يجد الأمام بدّ من مواجهة التحديات بجيش قادر على تجاوزها.

ثانياً: لم يكن كل أهل المدينة وبالخصوص وجهاءها، مع خلافته (عليه السلام) لذلك وجد بالكوفة مركزاً، يواجه من داخلها الأخطار المتوقعة.

ثالثاً: الطبيعة المجتمعية في العراق، وحداثة الإسلام فيه، مما يؤهل المنطقة على أستقبال الشرعية الجديدة. على خلاف المدينة ورجالها، وتمركز أعداء الأمام في مراكز قيادية متقدمة.

مما سبق الإشارة أليه، تجد الإستراتيجية السياسية والعسكرية حاضرة، وهي التي ساعدت ألإمام في الحفاظ على الثوابت الإلهية، وتجديد عصر الرسول الأكرم (صلواته تعالى عليه)، في خطط مدروسة ومحسوسة، على سبيل الذكر لا الحصر نسرد منها:-

أولاٍ: تجديد المثال النبوي في الحكم، وإزالة صور الإنحراف المختلفة التي طرأت على الحياة الإسلامية.

ثانياً: تجاوزه (عليه السلام) عن موضوعة أغتصاب الخلافة، المنصوص بالأمر الإلهي "يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك" [المائدة:67]، والبدء بإعادة النظام السياسي الحقيقي للإسلام.

ثالثاً: مغايرته لأسلوب الحاكم الموروث سابقاً، من الذي أرتضاه سابقيه بقوله لجمع الناس، "وأعلموا أني أن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ لقول القائل وعتب العاتب"، [نهج البلاغة:92].

رابعاً: أرساء القواعد العامة لأختيار ممثليه في الولايات الإسلامية، محذراً من البخيل والجاهل والجافي والمرتشي والمعطل للسنة.

خامسا: الإصلاح الإقتصادي وإعادة توزيع المال، مترفعاً عن التمييز بين المسلمين على أساس الجنس واللون والعرق، [فإن عندنا مالاً نقسمه فيكم، ولا يتخلفن أحد منكم عربي ولا عجمي، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إذا كان مسلماً حراً] [نهج البلاغة:38].

سادساً: تصديه (عليه السلام) للناكثين والقاسطين والمارقين، ممن أرادوا بالإسلام سوءاً، تحقيقاً لأمر الرسول الأكرم (صلواته تعالى عليه)، كما جاء عن أبو أيوب الأنصاري.. (أمر الرسول (ص) علي بن أبي طالب (ع) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) [مستدرك الحاكم: الحديث4674].
مما ذكر تتجلى الحقائق والأحداث، التي رسمت فيها الكوفة الطريق الأصوب لتحقيق العدالة الإلهية، ترسخ المفاهيم والقيم التي أقرها رسول الإنسانية (صلواته تعالى عليه).

الكم الكبير من الأحاديث المحرفة، ورواة الحديث المأجورين، والطغيان الذي مارسه الأمويين والعباسيين، وذلك التشويه والسب والشتم، كل هذا وذاك لم يأخذ من مكانة الكوفة شيئا، ولم يطفأ نورها الذي أختار الحق سبيلا.
ذاك لأنها ولدت بعلي ومن علي ولعلي (عليه أفضل الصلاة والسلام)، ولأنها مرسى سفينة نوح وغصة حوت يونس (عليهما السلام).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك