قاسم العجرش
نظرا لكون منطقة الشرق الأوسط، تحتوى على الجزء الأكبر من نفط العالم، فإنها تكتسب بعداً استراتيجياً وأهمية بالغة، في السياسات الخارجية، للدول التي تعتمد على النفط المستورد، كما أن هذه المنطقة محور صراع القوى الدولية، نحو السيطرة على الموارد النفطية، فضلا عن كونها تقع في قلب ممرات ومسارات التجارة الدولية.
الى جانب ذلك، فإن البعد الثقافي، أخذ هو الآخر حيزاً مهما، في محركات السياسة الدولية.
كانت خمسينيات القرن العشرين، تمثل بدايات تشكل الإطار العام؛ للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، هذه السياسة؛ تقوم على تحقيق ثلاثة أهداف أمريكية رئيسية في المنطقة، تأمين البترول الخليجي وخطوط نقله إلي الغرب، وعزل الخصوم والمنافسين الدوليين عن المنطقة، وحماية إسرائيل، مع ملاحظة أن هذه الأهداف؛يمكن فصلها بعضها عن بعض، بل أن العمل عليها ومن أجلها، يسير بثلاث خطوط متوازية.
تتميز السياسة الأمريكية؛ بثبات الأهداف لأمد طويل، بمعنى أنها تأخذ بعدا ستراتيجيا، مع هامش محدد ومرسوم للتكتيك والمناورة، لكنه يقع ضمن إطار الأهداف ويخدم تحقيقها.
منذ أن وضعت القواعد الأساسية، للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لم يحدث تغير مهم في مآلاتها، إذ تتغير الحكومات من حزب إلي آخر، ويتغير الرؤساء، وتتغير القيادات السياسية الأمريكية، وتتغير الظروف، ويتغير النظام الدولي، ولكن برغم كل هذه المتغيرات، تظل السياسة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط ثابتة وراسخة، فلا المتغيرات الأمريكية الداخلية، ولا المتغيرات الشرق أوسطية، إستطاعت أن تغير هذه الأهداف.
لقد ظلت السياسة الأمريكية إزاء منطقتنا وقضاياها، صامدة أمام كل المتغيرات، وحتى المتغيرات السياسية داخل أمريكا نفسها، لم يكن لها تأثيراً نوعياً بينا، في سياساتها الخارجية، وإنما كان الذي يحصل، أن تتغير الوسائل لا الأهداف، من رئيس أمريكي إلي آخر.
إن مسيرة تقرب من سبعين عاما، من السياسة الأمريكة في المنطقة، ومواقفها السلبية الثابتة، إزاء همومنا وقضايان ومشكلاتها، تكشف عن أوهام الحالمين بتغير دراماتيكي في تلك السياسة، وأن هذه الأوهام ستقودهم الى تقديرات خاطئة، ستدفع الشعوب، وبضمنها شعبنا العراقي، أثمانا باهضة جراء الإندفاع وراء الوهم، بأن الأمريكان سيقفون الى جانبنا في معركتنا ضد الإرهاب.
كلام قبل السلام: أمريكا ستقف ضد الأرهاب، لكن بالمقدار الذي يؤمن مصالحها، ويبعده عن أرضها، ولكن الى أرضنا، وهذا هو ما يحصل هنا في العراق وسوريا، حيث يتدفق آلاف الأرهابيين، من الغرب وأمريكا الينا، بتسهيلات ووسائل مستجدة متجددة؛ تحقق الأهداف الثابتة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha