المقالات

موقف السيدة هيلاري كلينتون.. لماذا؟


( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )

ابتداء يجب ان نسلّم بالخطوط المتعددة التي يخضع لها القرار السياسي الامريكي، وباعتبار الملف العراقي بات يشكل للادارة الامريكية احد اهم الملفات الخارجية منذ مطلع عقد التسعينيات على الاقل، فإن هذا المتغير الذي طرأ على الخارطة السياسية الامريكية واعادة تركيب او ترتيب اولوياتها صار يلزمنا كعراقيين رصد تلك التغيرات وفهمها واستيعابها ومن ثم رسم الخطوط البيانية والتفصيلية التي تسهل الوصول للتعاطي معها سواء في حقبتي المعارضة ام السلطة.

ولقد استطاع العقل السياسي العراقي المعارض آنذاك ان يدرك وبزمن قياسي طبيعة الآليات الامريكية الداخلة في صياغة القرار الامريكي والورش المختصة بصناعته، وهذا الادراك أملته ضرورات استراتيجية اهمها أن القوى السياسية العراقية في حقبة المعارضة اكتشفت ما بعد احداث الثاني من آب عام 1990 بأن الاقليميين أظهروا وبشكل لا يقبل الشك عجزهم في تبني المشاريع التغييرية التي كانت تطرحها القوى الاساسية للمعارضة العراقية خصوصاً بعد ان تبلورت ولأول مرة في تأريخ المعارضة العراقية ملامح وتفاصيل مشاريع تغييرية استراتيجية كالمشروع التغييري ذي النقاط الخمس الذي طرحه شهيد المحراب (قدس) في كانون الاول عام 1991 من العاصمة السورية دمشق وألحقه بالمشروع الجهادي التغييري من نفس العاصمة في الثاني من نيسان عام 1996 وذلك خلال الاجتماع التداولي لزعماء المعارضة العراقية والذي شارك فيه سماحته بعد ان وجد الساحة الاقليمية وقرارها قد انتقلا من ميدان المعارضة الى ميدان السلطة.هذا يعني ان الاقليميين هم انفسهم الذين فسحوا المجال للتفرد الدولي بالملف العراقي وبعبارة أدق (التفرد الامريكي) ازاء هذا الملف. ومنذ ذلك الحين بدأت تظهر بوادر استقطاب حاد من قبل الديمقراطيين والجمهوريين في الادارة الامريكية للمكونات المحلية في هذا الملف، لكن حساسية التعاطي بين ما هو محلي والآخر الامريكي قد انتقلت الى الواقعية السياسية خصوصاً بعد مؤتمر صلاح الدين الاول في تشرين الاول عام 1992، ومن قبل ذلك اعلان المنطقة الآمنة في كردستان العراق ومنطقة حظر الطيران في الجنوب او ما يصطلح عليه بـ(NO FLAIZON).مثل هذه التحولات الدراماتيكية التي شهدها الملف العراقي اعطت زخماً تنافسياً بين ما هو جمهوري وآخر ديمقراطي، وبالرغم من ان الجمهوريين هم الذين دشنوا الدخول الامريكي في الساحة العراقية إلاّ ان الديمقراطيين تركوا بصمات اكثر غوراً في هذا الملف عندما تقدم الرئيس الامريكي بيل كلينتون الى الكونغرس الامريكي بقانون تحرر العراق في النصف الثاني من عقد التسعينيات بالرغم من ان الجانب الديمقراطي كان يرى في الملف العراقي أرث جمهوري اكثر منه استحقاق سياسي امريكي. وهذا ما يفسر التعاطي الديمقراطي البارد مع الاحداث الساخنة التي اكتظ بها الملف العراقي أبان حقبة الديمقراطيين، الامر الذي اضطر الادارة الامريكية في عهد كلينتون ان تلجأ في اسخن الازمات الى توجيه ضربة خجولة الى نظام صدام حسين البائد اطلق عليها آنذاك عملية (ثعلب الصحراء).من هنا تنكشف طبيعة التعاطي الامريكي بشقيه الجمهوري الذي اطاح بنظام صدام حسين البائد والديمقراطي الذي يرى بالملف العراقي أرث لغريمه التقليدي، لكن ما لا يختلف عليه اثنان ان الديمقراطيين باتوا اليوم امام امر واقع لم يسمح لهم ان يروا في الملف العراقي ما كانوا يرونه فيه عشرة اعوام، لذا فإن هذا الملف بات يشكل عند الاتجاهين محور استقطاب الناخب الامريكي وهذا ما يفسر طبيعة المواقف الديمقراطية التي تدعو مرة لسحب القوات الامريكية من العراق واخرى لسحب الثقة من حكومة المالكي كما اعلنت عن ذلك السنتور هيلاري كلينتون قبل ايام، لكن في كلا الحالتين تبقى مثل هذه المواقف رهينة استحقاقات امريكية محلية تفرضها مصالح الحزبين المتنافسين خصوصاً وان المارثون الانتخابي بدأ يقترب من نقطة الانطلاق باتجاه المجهول.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك