المقالات

سلمت يداك أبا حسن

1708 2015-03-11

عند الشدائد وعند الضراء والبأساء تعرف معادن الرجال، فكم من رجل يضعف عندها وتخور قواه، وكم من صديق يخون ويبدو مينه وألاعيبه، وكم من قائد يرى عندها مجرد لعبة كارتونية لا تستهوي إلا الأطفال قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيب). 

والحقيقة أن هذا هو حال العراق في مرحلة ما بعد التغيير الذي حصل بفعل الاحتلال الأمريكي، ولا سيما بعد نكسة حزيران التي أدمت قلب كل غيور على العراق وأرضه وشعبه، إذ أننا تكشفت أمام أعيننا الصورة واضحة لا لبس فيها إلا لمن قال فيهم الشاعر:
والذي كان قذى في عينه قد يرى الليل بصبح سرمدي 

فالأرض العراقية غدت مستباحة، والرجال مهددون بالقتل والصلب والحرق، والنساء و الأطفال بالسبي والبيع في سوق النخاسة، والآثار والحضارة موجهة نحوها معاول الجهل والتخلف والوحشية والانتقام.. ونحن والحال هذه أمام مفترق طرق أما السكوت واجتياح "داغش" لكل الأرض العراقية بما فيها من بشر وحجر ووبر، وإما النهوض بالمسؤولية الـتاريخية التي يفرضها علينا حب الوطن والعقل والنصوص الدينية الصريحة كقوله تعالى:( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان( وقوله: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)

ويا للأسف، فقد انقسم العراقيون إلى صفين صف سكت أو استبشر بذلك، وأظن أن تصريحات النجيفيين ، وما يسمى الحراك الشعبي في المحافظات الغربية وما يسمى زوراً وبهتاناً مفتي العراق(رافع الرفاعي) كل أولئك كانت تصريحاتهم تصب في مصب هذا الصف وهي عبارة عن فرح وسرور بالانتكاسة التي لحقت بالجيش العراقي الباسل الذي يفترض أنه حاميهم وحامي كل مواطن عراقي ومحافظة عراقية، لكن كان في الجهة الأخرى رجال لا تلهيهم تجارة ولا لهو ولا ركوب يخت الفجور والاستهتار ولا السياحة في لندن ودبي وأربيل وعمان عن إقامة أعظم فرض على الإنسان ألا وهو واجب الجهاد والذود عن الأرض والعرض، وقد كانت فصائل المقاومة الإسلامية بكل تشكيلاتها والعشائر السنية العربية الأصيلة التي لم ترضَ أن تُدَنَّس أرضها وعرضها كانت هذه الجهات على رأس الانتفاضة والثورة؛ من أجل تطهير الأراضي العراقية المحتلة ورفع راية العراق عالياً وإرجاع الهيبة لبلدنا، وإنني على الرغم من اختلافي في الاتجاه السياسي للسيد(هادي العامري) المشرف العام على هيئة الحشد الشعبي بيد أنني أقرُّ بأن الموقف الشجاع الذي اضطلع به(أبو حسن) وعزمه على عدم ممارسة بعض الفعاليات سواء السياسية في مجلس النواب أو غيرها بعد أن آلى على نفسه أن يطهر الأرض العراقية من دنس الأوغاد الأرجاس ممن تربوا في أحضان العواهر وممن هم نتاج المؤامرات الإقليمية والدولية ضد محور الممانعة، وإن الانتصارات المتلاحقة في ديالى وصلاح الدين لهي أكبر شاهد على ذلك، ولا إخال أن هناك فخراً أو جهداً يطاول هذه الأوسمة التي تقلدها أبو حسن عن جدارة واستحقاق، وأجدني في حيرة من أمري، فأنــى لي بكلمة مدح وثناء على هذه القائد الذي لا يغادر الميدان، فهو في لهوات الوغى مع رجاله، ولا يريدهم لحفظ حياته، بل يريد نفسه لحياتهم، وأظن أن أبيات أبي الطيب المتنبي خير خاتمة لتتويج انتصارات هذا المغوار: 


الجَيشُ جَيشُكَ غَيرَ أَنَّكَ جَيشُهُ

في قَلبِهِ وَيَمينِهِ وَشِمالِهِ


تَرِدُ الطِعانَ المُرَّ عَن فُرسانِهِ
وَتُنازِلُ الأَبطالَ عَن أَبطالِهِ


كُلٌّ يُريدُ رِجالَهُ لِحَياتِهِ
يا مَن يُريدُ حَياتَهُ لِرِجالِهِ

دونَ الحَلاوَةِ في الزَمانِ مَرارَةٌ
لا تُختَطى إِلا عَلى أَهوالِهِ

فَلِذاكَ جاوَزَها عَلِيٌّ وَحدَهُ
وَسَعى بِمُنصُلِهِ إِلى آمالِهِ 

وحقاً لقد تجاوزها بفخر أبو حسن الحاج هادي العامري.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك