المقالات

زيارة الأربعين و الإداء الحكومي, بين النجاح والفشل.. قراءة واقعية.

1198 2014-12-23

تحظى زيارة أربعينية الأمام الحسين عليه وعلى اله افضل الصلوات, بأهمية كبرى, من المسلمين وخصوصا أتباع أهل البيت عليهم السلام, لأهمية صاحب الذكرى وقدسيته, ولأن الزيارة أخذت منحا ثوريا, متحديا للأنظمة الاستبدادية, وتحولت لتظاهرة ضد الظلم و وتجديدا للبيعة, وتثبيتا للعهد على إتباع منهج أهل البيت, فتجاوز المشاركين فيها عشرات الملايين.
رغم كل محاولات الحكومات السابقة, في تخفيف معاناة المشاركين في المناسبة, وخصوصا بعد انتهاء الزيارة, إلا أنها كانت تفشل لأسباب عديدة, أولها, عدم توفر بنى تحتية تتيح التعامل بشكل صحيح مع الحدث, والعدد الهائل من الزائرين الذي يتطلب أعداد غير معقولة من وسائل النقل, خلال فترة محدودة لا تتجاوز اليومين, وأسبابا أخرى تتعلق, بعدم وجود الخبرة في التعامل مع مثل تلك المواقف.
خلال هذا العام, تكررت المشكلة, وبتغيير مكاني, ففي السابق, كانت المشكلة الأكبر, تحصل في محور كربلاء بغداد, حيث تعمل هيئة النقل الخاص, ووزارة التجارة, وتكون مشكلة محور كربلاء النجف أقل وطأة, حيث تعمل وزارة النقل وأليات وزارة الدفاع, وخلال هذه السنة, تم تغيير موقع عمل الوزارات, وأنشغلت أليات الجيش, بمعاركها مع داعش, فأنتقلت المشكلة لمحور النجف.
حصلت مشكلة أخرى, تتعلق بالظرف الأمني, وما حصل من خرق قبل عدة أيام من ذروة المناسبة, أدت لتوسيع الطوق الأمني, بقرار لم يدرس بشكل شامل, ولم تستكمل بقية إجراءاته, فلم يرافق تعديل الخطة الأمنية, تعديل لخطط النقل والخدمات, وغيرها من مكملات الخطة, لتتلاءم مع التغيير الحاصل.
كما كان فتح المجال للزائرين من خارج العراق, والذي ربما تجاوز الخمسة ملايين, دون الأخذ بالحسبان, كيفية إعادتهم, إلى حدود بلدانهم, وكيفية توفير مستلزمات إقامتهم, خطأ واضحا, فقد توجب ضمان تعاون تلك الدول, بتوفير باصات بأعداد مناسبة, وكما سبق أن أعلنت تلك الدول, وعدم الاكتفاء بمشاركة تكاد تكون رمزية في حل المشكلة!.
صحيح أن سكان المدن القريبة, كالنجف وبابل, وبقية المناطق التي يمر بها الزائرون, وكذلك مدينة كربلاء, بذلوا وقدموا ضيافة وخدمات, مشرفة وتكاد تكون فوق الوصف, ولا يمكن توقعها, أو تصور تمكنهم من تقديمها, إلا أن كل ذلك لم يمنع حصول التلكؤ في إعادة الزائرين.
تكرار تلك المشكلة سنويا, وخصوصا بعد المشاركة الهائلة التي حصلت هذا العام, ينبئنا وبشكل واضح, أن الأعوام القادمة ستشهد مشاركة, إن لم تكن مماثلة لما حصل هذا العام, ففي تصاعد, وهذا يتطلب حلولا غير تقليدية, لأن الحلول التقليدية أثبتت أنها غير كافية, ولنا في ما حصل خلال المرات الماضية دليل واضح.

استشارة شركات عالمية مختصة, والإستفادة من خبراتها, ودراسة تجربة الحج, وإنشاء بنى تحتية للمحافظات المقدسة, تتلاءم وطبيعة المناسبات, واللجوء لفكرة إستئجار الخدمات اللازمة, إستجابة لمن يرفض فكرة استثمار المليارات لمناسبة تدوم لعشرة أيام!.
إستئجار قطارات, بعد إنشاء خطوط سكك حديد كافية, وإستئجار باصات نقل, بأعداد كبيرة مع سائقيها, بعد تهيئة طرق حولية وإستراتيجية خارج المدن, مع ساحات وقوف مناسبة, وإنشاء مطار كبير جدا, وكما مخطط له, أو توسيع مطار النجف الأشرف, وتهيئة ساحات وقوف عملاقة, مستفيدين من الطبيعة المنبسطة والصحراوية, للمنطقة بين النجف وكربلاء, وجعلها حدودا لقطع الطرق, ليست بعيدة, ومناسبة أمنيا, أفكار يمكن أن تحل جزءا من المشكلة.. وقبل كل ذلك, إنشاء هيئة مختصة بالمناسبات الدينية, تكون كفريق أزمة مهني, لديه الخطط اللازمة, و المعدة مسبقا.. ولا نخاف أن نفتح باب الاستثمار فيها, خصوصا لدول تهتم بتلك المقدسات والمناسبات.. وبما يلائمنا.

الحلول التقليدية, تعني حاجتنا لشراء "25 الف" باص لنقل مليون زائر فقط, فكيف إن كان العدد أكثر من "25 مليون", كما نقلت بعض المصادر؟, وأي طرق ستكفيها؟ وأين ستقف كل تلك الباصات؟ وكيف ستزود بالوقود؟.
لنسأل الأن, هل فشلت الحكومة, ووزارتها المعنية, في أداء واجبها؟.
من الواضح أن غرفة علميات, الزيارة الأخيرة, كان فيها تلكؤ, ولم تكن قراراتها وإستجابتها, متلائمة مع تطور الحدث, وما يحصل على الأرض, وبعض الوزارات نجحت نسبيا, وغيرها فشل جزئيا, وحصلت أخطاء في المنافذ الحدودية, أثرت على عمل وزارات أخرى.. ولأن المواطن العادي, لا يطلع على كل تفاصيل العمل الفني, ولأن المفهوم شعبيا, أن المسؤول عن النقل, هو وزارة النقل, تحملت الوزارة كل السخط والاحتجاج.. لكن الزيارة انتهت بخير.

هذه الحقائق, وما حصلت من أخطاء, لا تعفي أحدا من مسؤوليته, لكنها توفر معطيات, يمكن الإستفادة منها مستقبلا, لتطوير الأداء الحكومي خلال المناسبات, وتوفير ما يستحقه المواطن, من خدمات, على الأقل بحدودها الدنيا.
صحيح أن الحكومة ورثت تركة كارثية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك