المقالات

أمريكا وحلفاؤها والإرهابيون جبهة موحدة ضد الشيعة


( بقلم : د. حامد العطية )

الهدف الرئيس للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية هو تحقيق مصالحها الوطنية، وأول من يعترف بذلك ويفاخر به هي الحكومة الأمريكية، ولا يختلف حول ذلك الحزبان الجمهوري والديمقراطي، ولو تصفحت أي كتاب عن السياسة الأمريكية لتأكد لك ذلك، ولهذا الهدف أولوية مطلقة على كل الأهداف المعلنة الأخرى لسياساتها الخارجية، ولو تعارض مع هدف اخر مثل نشر الديمقراطية لما ترددت أمريكا في الركض وراء مصالحها والتضحية بالأهداف الأخرى، والدليل على ذلك أحلاف الحكومات الأمريكية المتعاقبة ومنذ الحرب العالمية الثانية مع نظم الاستبداد والجور في مختلف بقاع العالم خدمة لمصالحها الوطنية.

تتمحور المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط حول أمرين: تأمين إمدادات النفط بمشاركة الشركات النفطية الأمريكية الكبرى، وضمان أمن الكيان الصهيوني، وتعتمد لتحقيق هذه الأهداف وسائل سياسية واقتصادية وعسكرية مثل إسناد الحكومات والجماعات والأحزاب السياسية الموالية لها وتمويلها، وتقديم المساعدات الاقتصادية لها، وتزويدها بالأسلحة الحديثة، وتدريب قواتها، كما تحتفظ الحكومة الأمريكية بأسطول ضخم بالقرب من سواحل المنطقة، ولقواتها قواعد وتسهيلات عسكرية في كافة الدول الدائرة في فلكها مثل مصر والأردن واليمن ودول الخليج العربية، وللأهمية القصوى لهذه المصالح فقد أقدمت الحكومة الأمريكية على الدخول في حربين ضد النظام العراقي البائد، ولا تزال قواتها تحتل الأراضي العراقية تحقيقاً لمصالحها الوطنية.

تعجب واستغرب واستنكر بعض الشيعة إقدام قوات الاحتلال الأمريكية على تسليح وإسناد بعض التنظيمات المسلحة الإرهابية بدعوى مشاركتها في محاربة إرهاب القاعدة، وكأنها مفاجأة غير متوقعة، فلم يك خافياً بأن الأمريكان وبعض الأطراف الحكومية يجرون اتصالات ومفاوضات مطولة مع هذه التنظيمات المسلحة الطائفية الإرهابية، وكان الهدف المعلن لهذه المفاوضات اقناع هذه التنظيمات بالإنضمام إلى العملية السياسية، ولم يتضح الهدف الحقيقي منها إلا بعد الإعلان عن تزويد أمريكا لهذه التنظيمات الإرهابية بالأسلحة والإسناد، فكيف نفسر إقدام القوات الأمريكية على تسليح مليشيات طائفية ثبت بالأدلة القاطعة قتلها وتشريدها لعشرات الألاف من الشيعة المدنيين العزل من شمال ووسط العراق في الوقت الذي تهاجم يومياً مدن ومناطق الشيعة وتقتل المدنيين بحجة انتمائهم لمليشيات شيعية وتمنع الشيعة من الدفاع عن أنفسهم ضد الإرهابيين الطائفيين؟

إن التناقض بين هاتين السياستين الأمريكيتين في العراق ظاهري بحت، لأن أمريكا ومنذ لحظة احتلالها العراق ساعية بعزم وتصميم على حرمان الشيعة من حقوقهم المترتبة على كونهم الأغلبية السكانية، وقد لجأت إلى كافة الوسائل والسبل السياسية والاقتصادية والعسكرية واستعانت بحلفائها الدوليين والإقليميين في سبيل ذلك، ولو ألقينا نظرة سريعة وفاحصة على حلفاء أمريكا في المنطقة لتأكد لنا اتفاقهم على سياسة واحدة وهي العداء للشيعة ولمطالبهم المشروعة بالحقوق والحريات الأساسية، فمن هم حلفاء أمريكا وما هي مواقفهم المعلنة تجاه الشيعة عموماً وشيعة العراق خصوصاً؟

· الكيان الصهيوني الحليف الرئيس لأمريكا يجاهر بعداءه للشيعة، قفد أعلن قادته ومن قبل إحتلال العراق بأن عدوهم الحقيقي ليس نظام صدام حسين وإنما الشيعة في إيران ولبنان، ويجمع كافة ساستهم على أن التهديد الوحيد لأمن كيانهم مصدره الشيعة، وقبل عام شن الكيان الصهيوني حرباً مدمرة على شيعة لبنان ومدنهم وقراهم ومناطق سكناهم، فكانت النتيجة هزيمة نكراء للجيش الصهيوني، ولا يزال الصهاينة يهددون إيران بتدمير منشآتها النووية، ويروجون لتحالف يضم أمريكا والنظم العربية السنية وكيانهم ضد إيران وحزب الله وكل الشيعة.

· المملكة العربية السعودية منبع الإرهاب السلفي السني والمصدر الرئيس للإرهابيين عابري الحدود وللتمويل والفتاوى المؤيدة للإرهاب الذي يستهدف الأمريكان والشيعة، وقد غضت أمريكا الطرف عن الإرهاب الوهابي السعودي، وجددت تحالفها معها ضد "التهديد الإيراني" المزعوم، كما تحرض أمريكا السعودية جهاراً على التدخل في الشؤون العراقية، وغني عن القول بأن الوهابية السعودية هي ألد أعداء الشيعة والتشيع.

· مصر موالية للخط الأمريكي في المنطقة ولم يخف رئيسها حسني مبارك عداءه للشيعة عندما انتقص من انتمائهم الوطني مدعياً بأن ولائهم لإيران فقط.

· الأردن حليف قديم لأمريكا، وملك الأردن أول من دعا إلى منع نشوء "هلال شيعي" يضم إيران والعراق وحزب الله وسوريا، وتعج مملكته بالتنظيمات والأفراد المعادين للشيعة والمؤيدين للجماعات الإرهابية والطائفية السنية.

· البحرين رقم صغير في الحلف الأمريكي الصهيوني الأعرابي ضد الشيعة، وحكومتها ماضية في اضطهاد غالبية سكان الجزيرة من الشيعة وفي العمل على تغيير هذا الواقع الديموغرافي من خلال تجنيس غير الشيعة.

· جبهة الأحزاب والحركات اللبنانية المدعومة من أمريكا والسعودية والكيان الصهيوني التي تسعى إلى إقصاء الشيعة في لبنان وحرمانهم من حقوقهم الدستورية، وهي متورطة في تشجيع ودعم هجوم الكيان الصهيوني على معاقل الشيعة في جنوب لبنان والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية في تموز 2006م.

ومن قبل فقد تحالفت أمريكا مع نظام البعث الطاغوتي في حربه ضد إيران وغضت الطرف عن مجازره المتتالية بحق الشيعة، ووجهت النظم التابعة لها في مصر والأردن ودول الخليج لإسناد الطاغية صدام في حربه العدوانية ضد إيران واضطهاده للشيعة.

لم تستنكف أمريكا وأتباعها من الاستعانة بالإرهابيين في حربهم على الشيعة، فليس خاف على أحد مساندة أمريكا للتنظيمات السلفية في أفغانستان، ولم ينقطع هذا الإسناد بسبب حملات القتل التي مارستها هذه التنظيمات على الشيعة، وحتى بعد أن نأت أمريكا بنفسها عن نظام طالبان السلفي والمجاهر بعداءه للشيعة فقد استمر النظامان السعودي والباكستاني الحليفان لأمريكا بدعمه مالياً وسياسياً، وعلى الرغم من إدراج الحكومة الأمريكية لمنظمة مجاهدي خلق على قائمة المنظمات الإرهابية لكنها ترفض إغلاق قواعدها في العراق، وتحمل الحكومتان العراقية والإيرانية هذه المنظمة المعروفة بارتباطاتها بالغرب مسئولية القيام بعمليات إرهابية ضد حكومتي وشعبي البلدين، وبالأمس القريب سرت أنباء وتقارير عن اتصالات وتفاهمات بين حلفاء أمريكا والصهاينة في لبنان ومنظمة فتح الإسلام الإرهابية بهدف محاربة الشيعة، لكن الله جعل كيدهم في أعناقهم.

يتهم خصوم الرئيس بوش داخل أمريكا حكومته بالتهاون في مطاردة القاعدة داخل باكستان وأفغانستان، وينتقدون بشده تحويله التركيز من الحرب على إرهاب القاعدة إلى مخططاته الفاشلة في العراق، ويبدوا بأن الكثيرين من الأمريكيين وغيرهم يشككون في جدية إجراءات الإدارة الأمريكية الحالية ضد إرهاب القاعدة والحركات السلفية، مما أعطاها الفرصة لإعادة تنظيم صفوفها وتجميع قواها ، وتؤيد هذه المؤشرات فرضية وجود سياسة أمريكية لبث الروح من جديد في أعداء الشيعة السلفيين في المنطقة.

يستدل من كل هذه المعطيات على موقف أمريكا المعادي للشيعة، وقد بلغ ذلك العداء درجة شن حربين عليهم بواسطة النظام البعثي البائد ضد إيران والكيان الصهيوني ضد حزب الله، ولا تزال أمريكا الحليف القوي لنظامين يضطهدان الشيعة علناً هما النظام السعودي الوهابي ونظام آل الخليفة الغاصب للبحرين، فهل من المنطقي أن يفترض بعض شيعة العراق بأن الأمريكان اتوا للعراق لـ"تحريرهم" من طغيان البعث وتمكينهم من الحصول على كافة حقوقهم؟ لقد أجابت أمريكا على هذا السؤال على صعيد أفعالها في العراق بفرضها المصالحة الوطنية مع قتلة الشيعة وإجبار الساسة الشيعة على تشكيل حكومة وطنية مع قادة وحلفاء الإرهابيين، واشترطت إلغاء قانون اجتثاث البعث، وتقتل يومياً العشرات من الشيعة المدنيين، وآخر برهان على عدائها لشيعة العراق تسليح العشائر السنية المعروفة بقتل وتهجير مئات الألاف من الشيعة.

أمام قادة الشيعة خياران لا ثالث لهما، أما الانخراط بصفوف المعسكر الأمريكي الذي يضم الكيان الصهيوني و"المعتدلين" المعارضين بشدة لحصول الشيعة على حقوقهم الأساسية مقابل إعطاء الشيعة دوراً سياسياً مقنناً في العراق، والبديل الثاني هو مطالبة قوات الإحتلال بإنسحاب سريع والتصدي للإرهاب وأعداء الشيعة داخل وخارج العراق بكل قوة وحزم، وكل من يقبل بالبديل الأول هو في نظري متشيع بالاسم فقط.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو هاني الشمري
2007-08-18
تحليل الدكتور صحيح ومنطقي ولكن الحملة ضد الشيعة يشترك بها كل الدول العربيه والاموال السعوديه والغطرسة الامريكيه وبعثيوا الداخل ومجرموا الخارج وحتى من اهلنا الشيعة اصحاب العقول التي هي اشبه بالبهائم ولا يمكن والحال هذه نعلنها حربا شاملة ضد كل هذه الاطراف التي تذبح بنا كالخراف لانها ستؤدي الى ابادتنا بالكامل، ولكن الحكمة والصبر واغتنام الفرصة ووجود قادة صادقين مع الله وانفسهم والتشاور مع المتبصرين ببواطن الامور هو من يخرجنا مما نحن فيه وسيرتد كيد الخائنين الى نحورهم بعون الله وقدرته.
متيٌم بحب العراق
2007-08-13
ياسيدي الكريم ارى ان الحكومة تنتظر البديل الثالث اصبر على جار السوء يا يرحل يا تجيله مصيبة تشيله اما ان يطردوا الامريكان ويحاربوا اعدائهم فتلك من المستحيلات لانهم تعلموا على ان يكونوا مظلومين لا ظالمين ولذا تراهم عند كل غزوة على الارهابيين قبل اسبوعين يعطون تنبيهات للاعداء باننا قادمون حتى يفر من يفر ويبقى من يبقى لقتالهم ولهذا لم يحسم نصرا لنا يوما مع الخطة الامنية والدليل المهجرين مازالو مهجرين في الكرخ واياكم ياحكومة ان تعيدوا احدا هذا ماصرح به الهزاز فلله المشتكى نرجو النشر للمصداقية .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك