( بقلم : سلام السرَّاي )
في جميع الانظمة الديمقراطية والسياسية العالمية التي تدير الحكم في بلادها يصبح الامر طبيعيا اذا ما اتخذت كتلة سياسية او حزب او تنظيم او اي حركة ناشطة في العمل السياسي خيار الانسحاب من البرلمان او من الحكومة او حتى من العملية السياسية برمتها وتتجه الى العمل المعارض والرقابي في كيفية ادارة اللعبة السياسية.. لكن الامر غير الطبيعي هو ان تتبنى تلك الكتل او الاحزاب والحركات السياسية مواقف مسبقة ومدروسة لعرقلة الاداء السياسي للذين يؤمنون بالعملية السياسية،وهنا اقول(العرقلة)وليس(المراقبة).. فالملاحظ ما يجري على الساحة العراقية من تطورات خطيرة كانسحاب كتلة التوافق والقائمة العراقية؛ يجد ان المسألة قد تجاوزت حد التصور، واننا لنشعر بالدوار عندما تأجل جبهة التوافق قرار انسحابها ليوم بحجة عدم تفويت (فرحة العراقيين بفوز المنتخب العراقي بكأس امم اسيا)!! وكأن تلك الكتلة قد خبأت شيء ما يعكر صفو المواطنين وربما يهدد (امنهم).. او ان تنسحب القائمة العراقية بحجة ان الحكومة بدأت تتجه نحو الهاوية والغرق في وحل الطائفية والتحزب تغليب المصالح الضيقة!، وبذلك اصبحت هذه القائمة هي صاحبة الشرعية الكاملة كونها تحمل المشروع الوطني على الرغم من ان رئيس كتلتها (الدكتور اياد علاوي) قد اقفل (عيادته الطبية السياسية) ليكون مقيما خارج بلده بدل ان يكون بين ناخبيه الذين اوصلوه الى البرلمان العراقي حرصا منه على المشروع الوطني!!..
لا بل وصل الامر من التفاهة بجبهة التوافق وخصوصا الحزب الاسلامي الذي يتزعمه طارق الهاشمي ان يكونوا حواضن للارهابين والمسلحين بشكل سافر وعلني وذلك عندما صدر بيان صحفي عن الحزب الاسلامي العراقي وعلى موقعه الالكتروني يدين فيه العملية الاخيرة التي قامت بها القوات الامنية عندما عثرت على اكداس الاسلحة والمتفجرات وصواريخ الكاتيوشا في جامع ابي حنيفة النعمان.. فجاء في بعض البيان ما نصه:( إن التعرض إلى المراقد المطهرة ولأي سبب أو تحت أي ذريعة يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين في أنحاء العالم حيث أن الإمام أبا حنيفة النعمان يشكل مرجعاً فقهياً لمئات الملايين من المسلمين خارج العراق قبل داخله وإن مداهمة مرقده وتحطيم أبوابه والعبث في أثاثه ومكتباته يثير حفيظتهم ويزيد الهوة بين المواطن والقوات الأمنية).. فالبيان لم يشر الى تلك الاسلحة التي وجدت في الجامع.. ومَنْ وضعها هناك.. ألم ينتهك حرمة المرقد وصاحبه الذي يشكل مرجعا فقيهاً لمئات العراقيين؟!!.. وهل مثل هذه المواقف من جبهة التوافق تعد امرا رقابيا لأداء عمل الحكومة الوطنية؟!
يجب ان لا ننسى ان قرار انسحاب اي كتلة شاركت في تشكيل الحكومة يعد امرا محزنا وان كان ذلك من حقها الدستوري، وهناك جهود مبذولة لعودة هاتين الكتلتين، ولكن نقول اذا كنتم تقررون اليوم الانسحاب.. لماذا تتراجعون عن قراركم غدا بمجرد ان يتلقى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي اتصالا من الرئيس جورج بوش حتى ترتخي الاعصاب وتنتعش النفوس وتسر الوجوه بعد ان اكفهرت لجهود رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس كتلة الائتلاف السيد عبد العزيز الحكيم بالعودة الى الحكومة الوطنية؟!.
تلك اسئلة ينبغي على كتلة التوافق والقائمة العراقية الاجابة عليها بشكل واضح ودقيق لان الشعب العراقي اصبح يعي ما يجري حوله قبل السياسيين انفسهم، او ان يلتزموا الصمت ويدعوا القافلة تسير، لان العراقيين ما عادوا ليتحملوا اكثر من ذلك.. فيا ايها(التوافق) و(العراقية) اريحونا واقتدوا بقول الشاعر معروف عبد الغني الرصافي حينما قال:يا قوم لا تتكلموا ان الكلام محرمُناموا ولا تستيقظوا ما فاز الا النوَّمُ
https://telegram.me/buratha
