كثيراً ما تهتم أمهاتنا بأزواج بناتهن اهتماماً يعلو بعض الاحيان الاهتمام بأبنائهن وهذا ما يثير حفيظة الابناء الذين لا يتوانوا عن سؤال امهاتهم لماذا؟ ولترد الامهات بالمثل العراقي المعروف ( لحمنة جوة سنونة ) !! ومن باب لاجل عين الف عين تكرم صار التغاضي عن صغار الامور امراً ضروريا لاستمرار الحياة بشكل طبيعي حيث انه من المستحيل استمراها ما دام باب التشكيك وترصد الاخطاء والهفوات مفتوحاً على مراصعيه ولكل الفئات بطريقة لا تدفع للامام بقدر ما هي تراجع سلبي فمن غير المنطقي البوح بكل ما يجول في خواطرنا ، وليس من باب التناقض مع الذات بقدر ماهو تقديراً لملائمة المكان والزمان لهذا الامر وما اذا كان هذا البوح يصب في جدول الايجابيات أم لا فضمان التوازن بين السلبية والايجابية في البوح والتصريح والتحليل ضرورية لذات الانسان وبالتالي للمجتمع ككل .
وعلى آثر فوز منتخبنا الوطني بكأس طرق ابواب القلوب الجريحة حاملاً الفرحة والسرور شهدنا اياماً تلاطمت فيها الفرحة بدماء الشباب والحرية في التعبير بالاحتياطات الامنية ومفردات لعبة رياضية بمفردات اللعبة السياسية ، فلقد سادت في بادىء الام الفرحة العفوية بكلمات تراقصت حروفها فوق السطور الثابتة في التعليقات والمقالات والحوارات في المواقع الالكترونية اضافة الى حوارات الشارع العراقي غير ان موجة بدت متوسطة عملت على قلب الفرحة نغصة ولا اعلم هل كان الامر لاستغراب كلمة فرح ؟! أم لغياب تلك الكلمة من القاموس العراقي!! فسرعان ما علت تلك الموجة لتحول المفردات من فوز الى نصر ومن لعبة الى معركة ومن قميص منتخب الى قميص عثمان ومن كرة الى قنبلة وصولا الى وصف اللعبة بقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم في لحظة كاد فيها الاسلام ان يـًمحى لولا وقفة علي عليه السلام حين قال (ظهر الايمان كله للشرك كله ) فهل انتقل الايمان كله من علي عليه السلام الى منتخبنا الوطني !!! وصار المنتخب السعودي عمرو ابن الود العامري !!!
ان هذا الخلط الواضح في المفاهيم يحسب في اطار الجهل مع كل احترامي لمن طبعت انامله كلمات لا اشك لحظة من ان الحماسة كانت الدافع لها ولما كان حرص الانسان على ابناء جلدته مدعاة للتقدم لكل مجتمع صار من الواجب الاشارة للامر فالتشبيه الذي كثير ما يستخدمه كتابنا والقراء الكرام المتمثل بحياة اهل البيت عليهم السلام لاشبهة فيه اذا ما توافق الموضوع الذي نتكلم عنه مع تلك الاقوال النيرة . وليت الامر قد توقف لهذا الحد فما حدث امس في حفل تكريم جرى لمنتخبنا في الامارات والذي فجر موجة جديدة من الغضب يجعلنا نتسائل في ما اذا كان هذا الغضب مبالغ به أم لا؟ ام ان هذا الغضب تأتى من قراءة لما بين السطور؟ ولما كانت القراءة خفية لما كان الرد صريحا ؟ وهل كان من الاولى رسم ابتسامة خفيفة وتشكر من المقابل وانهاء الامر أم ان تراشق الاتهامات الدولية والسياسية بهذه الصورة هو الاصح؟!
ومن ضمن اللقطات القليلة التي شاهدتها عن هذا الاحتفال والذي سبق اطلاعي على ردود الافعال كانت ردة فعلي هي اول ردة فعل ممكن ان اصفها ، فرحت وانا اجد من يهنىء ابناء بلدي على فوزهم الرائع وان شككت بان تلك التهنئة صافية الا ان الظاهر انه تكريم لابد من شكر المقابل عليه ، وعندما قـُربت الصورة نحو الاعبين ليتضح ارتدائهم العلم العراقي تمنيت لو اننا اخذنا مسألة العلم بجدية اكبر وغيرناه قبل هذا الحدث ولم الم الا حكومتنا وعدم حزم الجميع على الامر رغم كونه منطقي فالعلم رمز وأي رمز قبل للتغير ، فرحت وانا ارى الشباب تتقافز فوق المنصة وابناء جاليتهم يحيطون بهم وتمنيت لو اننا احتفلنا بهم في كلية التربية الرياضية الجميلة في الجادرية وعندما سمعت بانهم سيعودون يوم الجمعة وددت اخبارهم بعدم البوح بالموعد خوفاً من قطاع الطرق !!!!وعندما توجهت الى قراءة ردود الافعال تفاجئت بان البعض قد اعتبرها اهانة شديدة وطالب الحكومة برد الهدية بوصفها صدقة رغم ان الهدية قد وجهت للاعبين وليس الحكومة !! أضافة الى ان حكومتنا هي اول من رصد هدايا للاعبين وحقيقة هذا الموقف قد فجر امراً بات من فترة في تطور مستمر وقد يصل بابناء شعبنا الى ضفة الكراهية العمياء بدون تميز بين حكومات وشعوب ولعبة وسياسة ولاعبين وقادة فدول الجوار وان صدرت بعضها لنا الارهاب بمباركة حكوماتها فان لها لنا فضلاً كما ان فضلنا عليها كبير والكلام على مستوى شعب وليس حكومة باعتبار ان بعض دول الجوار لازالت تحت هيمنة حكومات لا تمثلها كما كنا في السابق وان حكمنا على الدول من خلال الحكومات فالاولى بالدول عدم النظر بوجه عراقي على ما فعل صدام الذي حارب جار وغزى اخر ولما كان شغلنا الشاغل رسم صورة جديدة للعراق لابد لنا من تقدير وتميز ذات الشيء لبقية الدول .
فهل نسينا ان أرض الامارات ( الارض) تحوي الالاف من العراقيين الذين بدئوا الهجرة اليها منذ نهاية التسعينات وليومنا هذا ومن خيرة المثقفين من الاطباء والمهندسين واستاذة الجامعات اضافة الى المطربين الفاشلين والبعثيين الاغنياء !!! غير انني ارنو الخط العام بان هذه الدولة استضافت العراقيين للعمل بها وبعيداً عن الاهداف بعيدة المدى للهجرة وتأثيرتها السلبية نجد ان هذه الدولة ملاذ للكثير من العراقيين الذين عانوا في الداخل فكانت استضافتهم فضل وكفائتنا للعمل في شركاتهم فضل اكبر كذا الادرن بكل سلبياتها كحكومة وحتى وعذرا لصراحتي كشعب مع احترامي للاطياب منهم ورغم هذا فكونهم المنفذ الوحيد بداية التسعينات يعتبر فضل وفضلنا عليهم كبير في بناء البلد وتطوره بالايد العاملة ونفط العراق فالاردن البلد الاكثر استفادة من مأساة العراق وبالانتقال الى سوريا فهو البلد الاقدم مع ايران في استقبال المضطهدين من النظام السابق ففضلهم كبير في اقامات دائمية لابناء بلدنا ممن وجدوا انفسهم على الحدود فجاءة خاصة الجارة ايران التي استقبلتهم على وجبات الثمانينات والتسعينات رغم الحرب بين البلدين وفضلنا كبير ايضا بان زهت مدن بالعراقيين في قم المقدسة ومنطقة السيدة زينب ع في سوريا والتي ما بنيت الا بأيد العراقيين وحتى السعودية استقبلت ابناء الجنوب ايام الانتفاضة على الارض التي استقبلت عليها في نفس التوقيت الدبابات الامريكية في حربها ضد العراق 1991 في تناقض ليس بالغريب على بلد كالسعودية معروف الميول وبعيدا عن الهدف كانت النتيجة ان ارض السعودية ملاذا وانقاذ للعراقي ذات يوم فدول الجوار ( كشعب وارض ) ذات فضل وان كان هذا الفضل لا يمرر الا بموافقة حكومية لغايات في انفسهم لكن الظاهر فيه خدمة لابناء بلدنا الذين يقصدونهم مقابل خدمات عديدة فكلمة في سبيل الله بعيدة عن الكثيرين .
ولما كان لحمنا تحت اضرسة البعض وفي الاحضان الشوكية في دول الغرب التي تتفضل علينا باستقبال ملايين من العراقين بغض النظر عن الاهداف بعيدة المدى صار من الضروري وضع ذاك الامر نصب العين فالاجل عين الف عين تكرم على ان لا يجرنا هذا الامر على التكتم عن الحق او الصمت السلبي معاذ الله لكن هي دعوة لخلق توازن لكل شيء وعدم التهجم الشديد على امور ممكن حلها بكل شفافية وعدم ربط كل شيء بكيان دولة والا فمن باب اولى ان نحقد على انفسنا اليس في بلدنا من هو ارهابي وبعثي ولص ومجرم ووزير ثقافة صدامية وجبهة تجابه ذباب وجهها وقابيل يقتل هابيل كل يوم !! فلا يجوز التعميم الاعمى لكل شيء وسعة الافق من السمات الراقية التي تقدم الدول الى الامام . ومن جهة اخرى ضمان عدم تأثير هكذا موجات على المواطن العراقي في الخارج والذي أجبر على الهجرة خاصة في الفترة الاخيرة الى دول الجوار وموقف حكومتنا من متابعة امرهم هو موقف يحسب لصالحها كما انها اقل واجب لابناء بلدها بان تقف معهم وان تطلب من الدول تسهيل امرهم لحين ما تستحصل لهم الحق بتنظيف مناطقهم من الارهاب الذي هو فوق طاقة المواطن العادي .
وكلنا يعلم كم ان المواطن العراقي مميز بذكائه وقدراته في الخارج مما يجعله محبوباً ومقدراً خاصة ان امتلك مؤهلات انسانية وعلمية متزنة وعليه صار بدا لنا من الحفاظ على هذه الصورة ومن مجاملة الدول التي يقطنوها بالمعقول والممكن وان لايكونوا كالمواطن الفلسطيني الذي سبقنا بالهجرة الى ارض الله الواسعة والذي اخطأ بان كان يكره كل مكان يقصده وبهذا لا يتفاعل لا مع ارض ولا شعب واذا ما حصل العكس واستمرينا بذات المنهج فسنصل الى تضييق الخناق على ابنائنا هناك وقد بدأ اول الغيث حيث صار استحصال فيزة الى ايران صعب بعدما كان سهلاً جدا بقيمة 10 دولارات بينما دخولهم العراق يكلف 40 دولار !!! وصار التمديد بمدة عشرة ايام بعد شهر المؤيد بالفيزة بعدما كان شهرين اضافيين وذلك بسبب حالة المواطن العراقي اضافة الى التصريحات ضد ايران والتي جعلتها متخوفة بعد فترة انفتاح كبيرة بين البلدين فالمواطن العراقي صار هجومي وغير نظامي اثناء زيارته للبلد مما حدا بالبلد لمثل هذا القرار الذي يكون فيه العراقي الخاسر الوحيد في فسحة زمنية يغادر بها البلد من وقت لاخر اضافة لموقف السويد والمانيا الرافضة للاجىء الجديد .
ان يكون جرحنا كبير افضل من ان يكون لنا لسان جارح فلولا وضع بلدنا لما اضطر احد لمدارة الاخرين الا انه الواقع المرير الذي لابد من التعامل معه بحكمة تلك الحكمة التي نستشفي منها ان العراقي لايمكن ان يظن بان يجد العز في بلد اخر وهو من لم يجده في بلده!! فلنزرع الورود في كل مكان من جميل الكلام والالفاظ ولنا في محمد وال محمد اسوة حسنة فلم يجاملوا يوماً في الحق غير انهم لم يجرحوا ويهاجموا احد الا بأحكم وانبل الكلمات التي لها من الرشاقة والصراحة والوضوح والتاثير ما يدفعنا لارتشاف المعاني السامية لها واخيرا اتمنى ان نفرح فرحة مجردة من التعليق والانتقاد حتى تحافظ على سمتها كفرحة واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الغر الميامين
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha
