قاسم العجرش
في قصة السياسة العراقية؛ لا تعجب أذا حصل إنعطافات لا تتوقعها، ففي مطابخها الزنخة تطبخ دوما وعلى مهل، إتفاقات وممارسات، ليس فيها ممنوع إلا النبل!..
في مطابخ سياسيتنا ليس إلا قدر واحد فقط، تطبخ فيه حكاية:
ما هو مسموح اليوم، سيكون ممنوعا غدا، وعدو الأمس صديق اليوم، والموقف المتصلب تجاه الموضوع الفلاني، سيكون مائعا بعد أن يتم الإتفاق على: (هذا لك وهذالي)!
هذه هي قصة السياسة العراقية: ليل حندس، تختلط فيه الأمور وتشابكت الرؤى، وتختبئ المعاني في حنايا الشكليات الفارغة.
في ليل السياسة العراقية؛ تنبعث دوما روائح أسرة البغاء السياسي، حيث العواهر يضعن عطورا رخيصة لزبائن أرخص، صاروا ساسة متصدين للمشهد، بسبب غياب الفضائل لصالح سيادة الرذيلة؛ ولا يهم الساسة إن أختلط الحابل بالنابل، أو إن تغلف المشهد السياسي بالضباب، حيث تتيه العقول في البحث عن الحقيقة الضائعة..
عندما تشتد الأزمات، وتتصادم الرؤى، فلا بد من العودة إلى المعايير الثابتة، والمقاييس الصحيحة، المتمثلة بمنظومة قيم راسخة، تحظى بالتوافق والإجماع العقلي؛ لتكون دليلاً واضحاً، وهادياً منيراً، ومرجعية مقبولة لحسم الخلاف والبتّ فيه. إذ أن منظومة القيم ليس فيها مكان للتضاد..
الكريم لن يمد يده مصافحا دنيئا بخيلا، والشجاع لن يكون بأمكانه تقبل العمل بمعية الجبان، والشريف يستكثر حتى إلقاء التحية على اللصوص..في منظومة القيم التي إن أعتنقناها لن تتبق لدينا مشكلات، لأن الشجاع لا يكون بخيلاً، والبطل لا يكون جباناً، والتضحية تتناقض مع الخيانة، والظلم يتناقض مع المروءة والشرف. وفيها أيضا تتناقض التضيحة مع الخيانة ولا يمكن أن يعيشا تحت سقف واحد كما هو حاصل اليوم وبتواتر عجيب في السياسة العراقية،
في أزماتنا المتكررة، ولأنه ليس في السياسة العراقية ثمة مباديء ثابتة، يمكن الركون إليها أو الوثوق بمن يعتنقها، ناهيك عن أن الساسة عندنا ليسوا في وارد إعتناق فكر أو عقيدة، أو الركون الى ثوابت متفق عليها، لأنهم بالحقيقة لا يعتنقون إلا أنفسهم، وفي مقدمة ما يعتنقونه أن يظهروا بمظهر أنيق زائف، مع أن أنفسهم موبوءة بكل سيء ورديء!
كلام قبل السلام: الساسة عندنا لا يعتنقون شيئا البتة، ومن أعتنق منهم شيئا فد أعتنق جيبه!
سلام
https://telegram.me/buratha