لم تعد الحملات الانتخابية، تقتصر على أيام أو أشهر تسبق الانتخابات، محلية أو عامة، بل باتت مهمة دائمة من مهام العمل السياسي، لأية قوة أو حزب سياسي.
ومعنى هذا أن تلك القوى والأحزاب، تضع دوماً نصب عينها، أن تصل الى السلطة، أو الى سدة صنع القرار، وهذا أمر طبيعي جداً، بل يمثل السبب الحقيقي والأساس، لتشكل معظم الجماعات السياسية، ولا عيب أو سوأة في ذلك.
ويندر، في حالتنا العراقية، أن نجد حزباً تتراجع لديه أولوية المشاركة السياسية، بأشكالها المعروفة، عن أولويات أخرى. ففيما عدا حالات استثنائية، تنهج فيها قوى معروفة، منهج بناء الإنسان، وتحصينه عقائدياً؛ كي يكون عنصراً تتحقق فيه ولديه، قيم العبودية للخالق جل في علاه، فإن معظم القوى السياسية، تثقف أعضاءها على كيفية الوصول الى السلطة؛ وتضع ذلك في قوالب فكرية أحيانا، ومناهج تعبويه تعمل عليها من دون توقف، وتستغل في هذا كل سانحة، يمكن إستهبالها في هذا الغرض.
ومرة أخرى، نقول إن ذلك أمر طبيعي جداً، طالما أن المحصلة النهائية خدمة الشعب، لكننا نتساءل في قرارة أنفسنا، ونحن نسعى الى بناء دولة الكفاية والعدل، هل أن ما أنجزناه من بنية سياسية سيخدم هذا الهدف؟ بمعنى أدق، هل أن التعددية السياسية المنفلتة، التي وصمت واقعنا السياسي والاجتماعي بخيباتها وبنكساتها، والتي أنتجتها الديمقراطية الضبابية الراهنة، هي التي سيجد المواطن فيها، أمنه وآماله الاجتماعية والاقتصادية، وهل سيكون ذلك ممكناً، بعد أن عجز فرسان "الديمقراطية، الذين لا يتوفرون على حد أدنى من أخلاق الفرسان، عن تلبية مطالبها؟".
ديمقراطية التعددية المنفلتة، وهو الشكل الذي بناه لنا مصمم عمليتنا السياسية، وأذكركم هذه المرة، كما في كل مرة، أنه أجنبي! لا تتعدى ذاك لك وهذا لي، مع عدم الاتفاق على تحديد ما هو الـ (هذا) وما هو الـ (ذاك)! فبتنا ملكاً مشاعاً بين لصوص، يرتدون مسوح الرهبان حينما تحين المواعيد الانتخابية. لصوص يفهمون السياسية على أنها بستان، أو مزرعة مباح لهم وحدهم أن يقطفوا ثمارها، ونحن لنا النوى وحسب! مع أن هذه الثمار ما أينعت إلا بجهد غيرهم، غيرهم الذي تعهدها رعاية، وأزال الأدغال التي كانت تخنقها، وسقاها بدمع العين وما جرى، وبدم يضج حرية وانعتاقا، وسهر الليالي، ممسكاً ببندقيته الى الصباح، يحرس البستان من اللصوص!
كلام قبل السلام: غير فرسان عمليتنا السياسية ليس لصاً، بل كان يحرس الحقيقة، واللصوص يعرفون أنهم لصوص وسراق للحقيقة.
سلام....
قاسم العجرش
https://telegram.me/buratha