المقالات

الشيعة وحتمية التغيير

2189 2014-03-25

عبد الكاظم حسن الجابري

تَدْلَّهِمُ الخطوب وتزداد حلكة الموقف, فالضبابية أصبحت مورد حضور, في جنبات رؤية المجتمع للطبقة السياسية الحاكمة.
بين منادي طالبا بالرجل القوي, وبين من يرى أن ناعق الطائفية هو الرمز, وبين من يرى العدو متربص بنا, ولا يمكن فسح مجال له قيد أنملة, وبين من يقول ما هو ومن هو البديل, تشتبك الرؤى وتزداد العتمة.
هذه الضبابية, جعلت المجتمع منقسم ومرتبك, ولاشك ولا ريب, إن هذا الارتباك, سيولد مشاكل جمة في الاستحقاق القادم, ألا وهو الانتخابات التشريعية, في الثلاثين من نيسان القادم.
واضح جدا, إن الخارطة السياسية لحصة المكونات لن تتغير كثيراً, في الاستحقاق القادم, فديموغرافية العراق باقية, وهي التي سَتُبْقي الشيعة هم الأغلبية, الأمر الذي يمكنهم, من تسنم مقاليد إدارة دفة الحكم لزعامة الحكومة.
كما إن المكونات الأخرى -السنة والأكراد- فنسبهم باقية, وقد يحدث فرق بسيط, قد يكون بتولي المكون السني لرئاسة الجمهورية, أما رئاسة البرلمان فستذهب للكرد.
الشيعة وهم الأغلبية- والذين عانوا ما عانوا من الأنظمة السابقة, كانت لهم تجربة مع الحكم, فلم يشغل منصب رئيس الحكومة أي شخص من غير الشيعة, حتى علاوي والجعفري كانا من الشيعة, رغم أنهما حكما لأشهر قليلة فقط, لظروف تنظيمية في الدولة وقتها.
تجلت هذه التجربة حكم الشيعة بصورة أوسع بقيادة الحكومة في الدورتين التشريعيتين الفائتتين, أي منذ عام 2005 إلى 2014, حيث قاد الشيعة الحكم لفترات انتخابية دستورية لكل فترة مدة أربع سنوات.
ما يميز هاتين الفترتين, هو وجود شخص رئيس الوزراء, نوري المالكي رئيساً في كلتا الفترتين.
ولغرض طرح ما مر على البلد, في هذين الفترتين, وتقييم أداء الحكومة الشيعية على الشيعة وهم المعنيين الأكثر باختيار شخص الرئيس, عليهم أن يراجعوا الأداء ويقرءوا النتائج.
فالشيعة خلال حكم الحكومة الحالية, لم يتبدل حالهم, بل يبدو أن موتهم الذي لازمهم سرا, خلال الأنظمة السابقة, أصبح علناً خلال حكم هذه الفترة, فالمفخخات والعبوات الناسفة تعصف بمدن ومناطق الشيعة, دون رادع أو خوف, وحتى أبناء القوات المسلحة الذين يستشهدون, فهم من الشيعة أيضا.
البطالة والفقر والعوز, كلها استشرت, بل صارت صفة لازمة لأبناء مدن الجنوب, رغم أن ما يقرب من 90% من ميزانية البلد, تخرج من تحت أقدامهم.
الخدمات لم تتطور, وان ما وجد منها لا يستحق أن يذكر, ولا يصل مستوى الطموح.
الأهم من ذلك, العزلة السياسية التي أقدم عليها شخص الرئيس, بإبعاد إخوته وأشقاءه من نفس كتلته وطائفته, فما أن انتهت الدورة الأولى, إلا ونرى الحكومة تنشق بقائمة منفردة, تحت اسم ائتلاف دولة القانون.
ويذكر إن الرئيس الوزراء طلب من المجلس الأعلى, أن يكون حليفا له, بشرط استبعاد الصدريين والفضيلة من التحالف, إلا إن السيد الحكيم وقيادة المجلس رفضوا مثل هذا الأمر.
ازدادت الهوة بين رئيس الحكومة وإخوته, فهو يسيل لهم كيل التهم والتخوين, فتارة يتهمهم بأنهم يناصرون داعش, وتارة بأنهم يتآمرون على القائد الشيعي, معززا ذلك - بنفس الوقت- بإيهام عوام الناس, بأنه حامي حمى المذهب, وبأنه القوي والمؤتمن على حفظ الخط الشيعي.
لقد قدمت حكومة الحالية صورة سيئة عن طبيعة الحاكم الشيعي, وأبرزت اهتزاز صورة الحاكمية الشيعية, فكانت كل فترة حكمها, تمتاز بالأزمات والصدام مع الأشقاء في الوطن, ومع دول المحيط الإقليمي, وخصوصا المختلفة معنا مذهبيا, تزداد شدة هذه الأزمات, والصدامات, كلما اقتربنا من أيام الانتخابات, مصورة عملها بدعوى حفظ المذهب.
لذا على الشيعة, إن أرادوا حفظ ماء وجههم, وتغيير نظرة العالم للحاكم الشيعي, فعليهم أن يتوحدوا, وان يبرزوا شخصية سياسية, تمتاز بطيب العلاقات مع الجميع, مع المحافظة على اعتبارية الشيعية, وتطوير مدنهم بما يمتلكونه من ثروات.
وعلى القوتين الشيعيتين الرئيسيتين, أعني كتلة المواطن - الممثل الرسمي لتيار شهيد المحراب - وكتلة الأحرار -ممثل التيار الصدري- أن يتحدوا, وان يتضافروا بجهودهم لإنجاح التغيير , وعلى قادة هاتين الكتلتين, أن ينزلوا للشارع, وان يوضحوا ما ألتبس على البسطاء فهمه, ليبدأ التغيير من صندوق الانتخاب إلى مرحلة التصويت على تشكيل الحكومة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك