المقالات

ماذا بين السنة والشيعة..؟!


محمد الحسن

لا تتكون الأمم والدول المعاصرة, من شعوب متوافقة في عقائدها؛ ولعل التنوّع الديني والعرقي وحتى الفكري؛ يشكل أحد أعمدة التطور والتقدم, بها تقاس الحرية والقدرة على التعايش.. تلك هي الحضارة الجديدة والمنتجة عبر حركة التاريخ, التي يطلق عليها (الحضارة الغربية)..لم يعد الغرب وجهة جغرافية, كما إن الشرق ليس بمقدوره البقاء على هامش الحياة؛ فألتحقت الكثير من شعوبه بركب الحضارة, سيما في مفردة التوافق بين المختلفين.. لم يتبق في الشرق سوى المغرمين بالتاريخ الذين يرتبون أثراً على أحداثه بغية إثبات الحق المطلق وفق مفهوم (الفرقة الناجية)..!أُستغلَّت هذه النمطية الفكرية من قبل ساسة الدول الراديكالية وأمراء (القفار) التي تخشى أن يصيبها نسيم الحرية, فأستهدف العراق, وأصغت المسامع لحديث الخارج الموبوء.. إزداد التنافر بين المذهبين, وأستخدمت جميع الوسائل لإثبات الحقيقة التي لم تعد مرتجية بقدر ترقب فناء الآخر. ليس للدين تأثير في هذا الصراع المتمظهر بمظهر عقائدي؛ إنما الخلاف حول المفاهيم المدنية الحديثة التي يراد بناء الدولة الجديدة وفقها..! السنة يعتقدون بالنظام البعثي ممثلاً لهم, فلم يفارقوا مصطلحاته ومتبناياته؛ وبالمقابل فإنّ الطبقة االحاكمة لا تستيغ تقبلهم لفكرة الإنسجام مع الواقع الجديد, إذ إن هذا يعني: غياب فرصة إستخدام ورقة المذهب في اللعبة الإنتخابية!.. وضاق الشيعة بالحديث عن التهميش والمظلومية التي يراد رفعها بالسلاح والتهديدات المبطنة لكل ماهو شيعي!.. ومن ينكر ترحيب ساحات الإعتصام بتنظيم القاعدة ودعوات الحروب والجهاد..؟!إنّ الأثر التاريخي المستخدم في هذا الصراع, ماهو إلا وسيلة لديمومته وإظهاره بحلة عقائدية تستهوي أكبر قدر ممكن لجهاد الآخر (طمعاً بالجنة). حقيقة الأمر إن الصراع القائم اليوم هو صراع بين نظامين؛ قديم وجديد, فالعمق الواقعي للأزمة, يمثله الرفض السني لما بعد الحقبة الدموية لحزب البعث, والإصرار الشيعي على رفض كل من يوالي ذلك النظام بإعتباره يستهدف حياتهم بالدرجة الأساس..السياسة هي سيدة الموقف في إدارة الأزمة العراقية, ووسط هكذا أجواء ملتهبة لا يمكن الوثوق بأي عمل مهما كانت قيمته ونتائجه. قد يظن البعض, إنّ ما آلت إليه الأحداث هو جزء من سيناريو إنتخابي مادته إنفجارية شديدة التدمير إن أُسيءّ إستخدامها, فالأصطفاف الطائفي اليوم بلغ ذروته ولم يعد للعراق بداً من مراجعة الحسابات جميعها..لا خيار ثالث؛ إما الفدرلة والشروع ببناء دولة موحدة قائمة على نظام لامركزي. أو نبذ عُقد الماضي والتطلع لدولة شاملة لا يمثلها سوى علم واحد ومنهج واحد وأهداف واحدة.. ماعدا ذاك؛ سنبقى مرمى لسهام الطيش السياسي الداخلي والخارجي..!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك