المقالات

مجانين محلتنا !

480 10:44:00 2014-01-10

عارف معروف

كان لمحلتنا مجانينها :"حميد خبالو"....الذي ماكان يلّذ له شيء مثل التهامه الزنابير الحمراء التي يصطادها عند اكوام القمامة قرب دكاكين القصابين ،غير مكترث بابرها المؤلمة . " هاشم الدب"...المنغولي ذو الجسد الممتليء بقناطير الشحم واللحم و الذي يمّر من " جادتنا " مساءا، عائدا من مقّره الاثير .. مقبرة الشيخ معروف الكرخي ، بعد ان يكون قد ملأ معدته بكل ما جاد به زوار المقبرة ، خصوصا عند زيارة الموتى ايام الخميس من كل اسبوع ، فنشيعه مصفقين ، على ايقاع واحد، يحبه هو كثيرا وسرعان ما يهتز جسده راقصا على وقعه ، بالاهزوجة التي خصصناه بها :ياهاشم الدب....بطنك غدت حب !حامد بن شاكر الذي جنّ في ريعان شبابه وهو في الصف الخامس الاعدادي وصار مولعا بجمع الخيوط الملونه، يستلها من اكوام القمامة التي تعج بها المحلة ويلفها على بكرات امتلأت بها جيوبه الكثيرة ، مدشّنا ، بذلك ، اول ممارسة معروفة لتدوير النفايات " وقبل ان تعرفها الشركات العالمية والدول المتقدمه . امرأة عمي " تسواهن" وغرامها الذي لايضارع بنار البريمز والذي تحافظ على ناره وقاّدة ، ابدية ، وسط غرفتها الصغيرة ، حتى في اشد ساعات قيض تموز جهنمية ولا تطرب الاّ لصوته المدويّ وهي تتحدث ، الى اناس لا نراهم ابدا ! . واخيرا وليس آخرا ،" جباره " بشاربه التركي المعقوف، الكث والمزيّت بعناية ، مع جملة اسلحته التي يتمنطق بها ، على الدوام ؛ الخنجر المفضض المعقوف، في حزامه . الدونكي الصقيل في يساره . والكرباج الجلدي الطويل في يمينه ، وهو يذرع الزقاق جيئة وذهابا، ليلا ونهارا ، ينظر الى الفراغ شزرا ، ويهمهم متوّعدا ، اعداء للدربونه لانعرفهم ابدا وغزاة للجادة لم نرهم مطلقا ! والناس مسرورة من كل ذلك ، ف" جباره " بعد كل شيء، علامه فارقه، ومعلم مميز للزقاق ، وحارس مجاني ، رغم انه لايهّش ولا ينّش .صرخت بتفجع كانني اعاتب البقية الباقية من سكان الطرف القدامى........ اين " مخابيل " محلتنا ؟ لقد كانوا يضفون عليها طابعا انسانيا حميما وقدرا كبيرا من الصدق والمباشرة ....تمتم احدهم وكأنه يستفيق من غيبوبة طويلة : ترى هل لفتهم زوبعة " القادسية " ام احتواهم الحزب القائد؟هتفت : مستحيل ... والاّ ما اضطربت حياتنا كل ذلك الاضطراب عبر مايزيد على ثلاثة عقود من الدم والدموع !، لقد كانوا ارواح هائمة مسالمة .تسائل آخر :اذن... فهل امتصتهم وتمثلتهم العملية السياسية ؟قلت : هراء...فقد كانوا آيات في الرضا والقناعة ، فضلا عن استقلاليتهم وعدم خضوعهم لاية اجندة خارجية . الا تذكرون ان" هاشم الدب " كان يوزع علينا ، نحن الاطفال ، مايفيض عن حاجته ، خبز كفافه، من حلوى وتمر وهو غارق في سعادة لاتوصف..! ولو صح ظنك ، من ان العملية السياسية قد استوعبتهم ، اذن لاستقامت امورنا ايما استقامة ! فقد كان يمكن ل" حميد خبا لو " ان يقضي على كل التهديدات التي يتعرض لها امن الوطن والمجتمع بقبضته التي لاتاخذها في الحق لدغة زنبور . وكان من شأن " هاشم الدب " ان يشيع ثقافة التسامح والمشاركة وقبول الاخر، بروحه الانساني الشفاف واحساسه المرهف بالجمال ، بل وكان يمكن لحامد بن شاكر ان يتعهد الصناعة الوطنية ويؤسس لاقتصاد وطني مستقل ومعتمد على الموارد الذاتية المتاحة ، وربما تولت امرأة عمي " تسواهن " امر الكهرباء والطاقة فكفّتً ووفّتً ، اما " جباره :" فقد كان لحسه الامني المتوفز واستشعاره المتأهب ابدا ، ان يجعل المواطن ينام قرير العين، مطمئن البال من مخاطر مؤامرات وتدخلات شياطين الانس والجن...تفكّر اصحابي مليّا ، متخذين هيئة ونظرات من يغور عميقا فيما لايمسك من الافكار ، وتمتموا بصوت واحد :ربما اصبت كبد الحقيقة !!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك