حسين الركابي
نعمتان مفقودتان نعمة الصحة، ونعمة الأمان، هكذا وصفهما الإمام علي(عليه السلام) ولا يمكن للإنسان إن يستغني عن احدهما، ولا تقل أهميه واحدة عن الأخرى. بعد حل القوات الأمنية العراقية بقرار من بريمر قائد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق عام2003 فقد تم تشكيل قوة أمنية عراقية بجميع أصنافها مثل وزارة الدفاع، والداخلية، والأمن الوطني، وجهاز الاستخبارات؛ واختيرت هذه العناصر على أساس الكفاءة، والنزاهة، والوطنية، وأخذت على عاتقها حماية المؤسسات والدوائر الحكومية، وتامين أرواح الناس من بقايا مجرمي حزب البعث المنحل؛ وقطاعين الطرق، وأحزاب المصالح والمأرب الخاصة. وبعد تسلم مقاليد الحكم حزب الدعوة عام 2006 أصبحت القوات الأمنية عبارة عن محاصصة طائفية وحزبية، وكل فرقة تتبع حزبها أو طائفتها، وبالتالي تسلل الكثير تحت طاولة المصالحة إلى الأجهزة الأمنية؛ وأصبحت عبارة عن ثكنات عسكرية كبيرة ورهيبة، ولا يمكن لها القدرة على حماية حتى أنفسها فأصبحت عرضة للاغتيالات، والتفجير، والاختطاف، والموت المجاني الذي يلاحقهم في كل زاوية ومكان. وفي السنوات الست المنصرمة بدأت الأجهزة الأمنية تأخذ منحى اكبر وخطير ومخيف على البلد، والعملية السياسية برمتها، حيث أصبحت تعمل بمنطق الحزب"والفرد الواحد" وجعلت هدفها الأول هو حماية مصلحة الشخص أو الحزب وحددت نفسها بهذا الإطار الضيق، وقد فقدت ثقة الشعب بها كقوات وطنية خالية من التدخلات الحزبية، والفئوية، والقومية؛ وصارت موضع نقد من قبل الجميع حتى وصلت الأمور إلى إن الفرد العراقي حين مروره بسيطرة أو يرى رتلا عسكريا لا يتوانى برشقهم بكلمات نابية، ويدعو عليهم بالويل والموت كل هذا نتيجته المنحنى الخطير الذي ارتكبته القوات العراقية في الأعوام المنصرمة. أما اليوم القوات العراقي أدركت ذلك الخطر المحدق بها، وشمرت عن سواعدها وجعلت الأرامل، والأيتام، والثكالى أمام نصب أعينها؛ واستيقظت من سباتها العميق الذي مر عليه عدة سنين، وغادرت تلك النظرة التي يتعامل بها معظم ساسة العراق، وأيقنوا إن الحكام مهما طال عمرهم زائلون، والشعوب والأوطان هي التي باقية وراسخة على مر العصور، والدهور. فان العمليات التي قامت بها مؤخرا قواتنا العراقية في المناطق الغربية من العراق بملاحقة الإرهابيين"وصناع الموت" ما هي إلا دليل واضح على عودة تلك القوات إلى الاستقلالية، والابتعاد عن أللعبه السياسية، والمراهنات الحزبية، وبدأت تسلك المسار الصحيح وتسير بخطوات ثابتة نحو الأمام، وتحاول إن تعيد الثقة بينها وبين الشعب. وقد رحب معظم أبناء الشعب العراقي بهذه الخطوة التي من شانها إن تعيد الثقة وتصلح الأوتار التي قطعة بسبب هروب السجناء من التاجي، وأبو غريب، والكاظمية، فهذه الخطوة محل ترحاب من الجميع، ولابد إن تستمر حتى تجفيف منابع البرك الأسنة...
https://telegram.me/buratha