المقالات

الاعلام ,, والعنف والسبب


عزيز الكعبي

لابد من مراعاة آداب وأخلاقيات المهنة، والتفهم الجيد أن هذه المادة يتلقاها الآلاف من الناس، بل والملايين الذين تختلف مستوياتهم التعليمة والفكرية، ولابد من الحذر الشديد وتحري الدقة، والموضوعية الشديدة في عرض الحدث، بما يخدم المهمة الإعلامية ويؤدي الرسالة المجتمعية للإعلام بلا تهويل أو تهوين. العنف الذي يدور في العالم وتنقله وسائل الاعلام مباشرة , ساهم في تنمية نوازع الشر والتطرف لدى المشاهدين والسامعين والقارئين والاجيال الجديدة وبخاصة الشابة منها , فضلا عن تجاوب صغار السن والمراهقين عمرا وفكرا وسياسيا , لكنه تجاوب سلبي ينطوي على نوازع الانتقام كرد فعل طبيعي , وبخاصة في غياب : العدالة والقانون وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص . من هنا فان النتيجة غالبا ماتكون بممارسة العنف تفكيرا وتنظيما ورسالة وخطابا وتعبيرا وعملا , تعبيرا عن الذات وتحقيقا للذات من هنا ظهرت الكثير من الانظمة والتنظيمات المتطرفة وفصائل ماتسمى المقاومة والتمرد على الواقع , في العالم لاسيما تلك التي برزت للوجود في العالم العربي , منها مايتبنى الخطاب التفجيري ومنها مايتبنى الخطاب التكفيري , ومنها مايتبنى الخطاب التخويني لكل من لايتفق معهم في الراي , والفتاوى بهدر الدماء جاهزة من جميع الاطراف . فتحول الجدال الى القتال والحوار الى النار . ليس هذا فحسب , بل ان الاطراف المتصارعة سواء الممثلة للدول او للتنظيمات او فصائل المقاومة كل يريد شطب الاخر ولا يعترف به , كما ادى ذلك الى رد فعل قوامه العنف الرسمي والفردي والتنظيمي والحكومي والإعلامي في الخطابات والاجراءات والمواعظ والقوانين وردود الفعل , مما صعد التاثير على الفكر والسلوك لدى العديد من فئات الشعب العربي رغم تباين الدين والعرق والبلدان والمصالح , وصار كل تنظيم ونظام يمارس العنف أو ينادي به يجد له صدى ومؤيدين من شتى الاعراق واللغات والاوطان . وبذلك صارت هوية العنف قولا وعملا وسلوكا هوية عالمية وليست مجرد هوية محلية او اقليمية , وصار العالم كله يتاذى منها سواء اصدرت عن دول او تنظيمات . فالعنف هوالعنف والتطرف هو التطرف والقتل هو القتل والارهاب هو الارهاب سواء اصدر عن دولة او تنظيمات .فالواعي الذي يدرك مثل هذا العنف قد يتحول الى انتهاج عنف الخطاب للتعبير او الرفض او الدفاع عن النفس او الفكر , وقد يتحول الجاهل الى اداة لتنفيذ العنف والتطرف والارهاب وغيره , على انه الوسيلة الوحيدة لتحقيق الذات . ولا بد من القول هنا ان هذا العنف المتبادل الذي يقود الى الثار والفعل ورد الفعل قد تجاوز الساحة العالمية , .ولكن الدول يمكن ان تعالج مثل هذا العنف من خلال الحرية والاحتواء والحوار والمشاركة والانتقال السلمي للسلطة والاعتراف بالآخر وعدم الإقصاء , ونبذ الفساد والمسامحة لمن اراد ان يثوب كما ان السعي من اجل السلطة غالبا مايؤدي الى العنف في الخطاب والتصرف معا والفعل ورد الفعل , فمن يسعى الى السلطة قد يلجأ الى الانقلاب او المذابح في محاولة لالغاء الاخر واثبات نفسه , مما يشحن العنيف لاقناع الناس بان الطرف الاخر هو الاسوا وانه فاقد الشرعية ومن الطرف الثاني , وان هو الافضل في المعادلة , وكل يريد القضاء على الاخر في غياب التداول السلمي للسلطة وغياب التعددية السياسية والحزبية والفكرية والحرية والديموقراطية والفرص المتكافئة , وحضور الثأرات والانتقام وحكم القهر والغلبة وقد يغيب خطاب التسامح والتاخي لان كل طرف يريد الغاء الاخر وشطبه بكل وسيلة كما قلنا , رغم ان وجود هذه العناصر انما تحفظ توازن المجتمع , ومن حقهم جميعا ان يعيشوا ولكن الا يعيثوا في الارض فسادا ( من سائر الاطراف ) .إن التعبئة المشحونة بالكراهية والتخوين , وهذه بدورها التي تكفر الانظمة وتخونها , انما تهيئ الأجواء لصراع كالح ودم وعنف لايعرف الرحمة ولا الاخوة الانسانية او الدينية او الوطنية او القومية , ذلك ان عنف التفكير مقدمة لعنف االخطاب وهو بدوره مقدمة لعنف الممارسة أو التعبير عنها، فالتخوين والعمل على الغاء الاخر انما هما كالتكفير , مما يعني استباحة الدم والتبرير للتصفيات الجسدية، خصوصاً عندما تصدر من يجلس على كرسي الافتاء سواء من التنظيمات او السلطات الرسميةوعلى اية حال فقد ادى العنف بكل اشكاله الى بحث الانسان منذ القدم عن الامن والحماية / الامن النفسي والروحي والسياسي والاجتماعي والغذائي والاسري والمعيشي / الاقتصادي , والحماية من عنف الطبيعة والانسان والوحوش والكوارث , وتصدى لكل جانب من هذه بطريقة تهدف الى البقاء وتحققه ماامكن , وتناسب الحالة او الظاهرة , وبالتالي كان صراع الافراد والجماعات معا متكاتفين من اجل البقاء اولا ثم الاستقرار والاستمرار ثانيا ثم البناء ثالثا وبالتالي بناء المجتمع والحضارة , ., هنا اقول,,ان التوقع اكثر شرآ احيانا من الوقوع. ولأن الناس تنظر للدولة انها الاب والراعي وبالتالي ترجو أن تسمع خطاباً منها يعدها بالمعالجة لمعاناتهم وأوضاعهم المزرية وليس سماع خطاب العنف الذي يهرب منه الناس. فالناس تصبح بين قطبي رحى من تبادل عنف الخطاب وعنف السلوك وعنف التكفير وعنف التفجير وعنف الوعيد وعنف التهديد , ويدفعون الثمن غاليا بالفعل , ويحتكم الناس في النهاية الى استخدام القوة لحل المعضلات مما يدخلهم في دوامة مع السلطة والطرف المعادي , لذا تظهر تيارات اخرى عادة قد تكون اشد عنفا او تدعو الى الحوار , ولكن العداء بين الاطراف يكون قد وصل الى كسر العظم بحيث تغيب العقلانية عن الجميعفالشعوب المطحونة بالفقر والقهر والذل الى حد المجاعة , او بالأوبئة الى حد الكارثة والفساد من المسؤلين الى حد افلاس البلاد , واعتبار تكديس السلاح ثقافة وضرورة , فانها لا تحتاج إلى خطاب يصب الزيت على نار متوقدة أصلاً , وانما هو مجتمع من القش اليابس المشرب بالبنزين اذا مااشتعل لايقتصر حرقه على طرف واحدوبالتالي فان عنف الخطاب والكلام يؤدي الى الصراع , وبالتالي انتاج عنف فكري وعنف سلوكي وعنف انتقامي وعنف تكفيري وعنف تفجيري والكل يقول عن ضحاياه انهم شهداء , وان الاخرين قتلى ليس الاعزيز الكعبي .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك