المقالات

لماذا الارهاب "الديني" ينشأ في المناطق السنّية ؟


( بقلم : اسعد راشد )

الارهابيون الاخطر في العالم هم من الجماعات السنية حيث يشكلون بتوجهاتهم المتطرفة وخلفياتهم الفكرية والعقائدية معاول تدمير وتخريب للمجتمعات البشرية ومنها المجتمعات المسلمة .

الباحثون وعدد كبير من المختصين في شؤون الارهاب والجماعات الاسلامية السلفية يرون ان المنطلقات العقائدية والاسس الفكرية في تركيبة تلك الجماعات تشكل عامل اساسي في ان يتحول الانسان السني الى عنصر ارهابي وقاتل لا يتورع من ارتكاب ابشع الجرائم والتوسل باساليب قذرة لتحقيق الاهداف والوصول الى الغايات .

فقه المجتمعات في الموسوعات الاسلامية يناقش هذا الامر من زاوية مختلفة لم يتطرق اليها الاسلاميون السنة انفسهم ليلمسوا عن كثب اسباب انتشار ظاهرة الارهاب في المجتمعات السنية والقسوة التي تسودها وتتحكم في علاقة افرادها باالبيئة وبالانسان وبالحيوان بل وبكل شيئ وفي الاغلب ‘ وهو ما يرتأيه بعض الباحثين ‘ ان المجتعات السنية في السعودية وفي الجزائر وفي مناطق افغانية وبلوشية وكذلك شرق الاردن هي الاكثر تأهيلا لبروز الارهاب ونشأة التطرف الديني وليس غريبا مثلا ان يصرح قبل عدة ايام احد قادة عشائر الانبار حول امر قد لم يلتفت اليه بعض السياسيين والى ابعاده الا انه ينطوي على جانب مهم من التكوينة الفكرية الاجتماعية وحتى البيئية لتلك المجتمعات والتي تلعب دورا في صياغة شخصية الانسان السني حيث يقول "الشيخ حميد الهايس" رئيس مجلس انقاذ الانبار :" اذا جلبت 10 ضباط من اهالي الانبار ووضعتهم امام 10 ضباط من مختلف انحاء العراق ‘سترى ان ضباط الانبار اكثر شراسة (...) ‘ لانهم تربوا في بيئة صحراوية"!! الرابط الى تصريح الشيخ الهايس :

http://burathanews.com/news/20372.html

ومن هنا ايضا تجد ان اكثر قادة المنظمات الارهابية والمتطرفة او تلك التي تتصف بالاجرام والدموية هي من مناطق سنية صحراوية مثل السعودية واليمن والاردن وبلوشستان او من مناطق جبلية مثل الجزائر وافغانستان ووزيرستان في باكستان وغيرها وهذا يعني ان هناك عاملين اساسيين يلعبان دورا بارزا في صناعة الشخصية الارهابية في المجتمعات السنية :

العامل الاول :هو فكري وعقائدي والذي يشكل المحور في تلك التكوينة ادى ويؤدي الى بروز مدارس مهمتها صناعة الموت او الارهاب وتأسيس ثقافة تنشأ الاجيال على تمرس حالات القسوة والغلظة دون حدود وبعيدا عن اي وازع اخلاقي او انساني وهذا يرجع الى طبيعة الفكر السني الذي لم يشأ الرعيل الاول من قادته تخليصه من شوائب الجاهلية وحتى لما ادخلوا اودخلوا في الاسلام كان اسلامهم سطحيا من اجل منافع فئوية او عشائرية وللاحتفاظ على امتيازاتهم التي كانت مجحفة وظالمة وعندما نصبّوا كقادة وزعماء على مجتمعاتهم بعد رحيل رسول الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم هذا النبي العظيم الذي يفتخر به عظماء العالم وتمجد به وباخلاقه ونبله الدنيا شرقا وغربا مسيحا ويهودا وغيرهم لم يستطع اؤلئك النفر من التكيف مع الدين الجديد بل كيّفوه حسب اهواءهم وفقا لعاداتهم الجاهلية وكيفيوا كذلك مجتمعهم مع تلك العادات فنشأت اجيال تحمل فكرا مخالفا لما اتى به الرسول العظيم يعكس قيم الجاهلية والبيئة الصحراوية وقد كان للخلفاء الثلاث وهم الخليفة الاول ابوبكر والثاني عمر والثالث عثمان لهم دور كبير في تأسيس تلك الثقافة وبصماتهم غدت حاضرة في كل عملية ارهابية او تفجير او قطع رأس برئ وقد اعتبر المؤرخون ان عمر يشكل رأس الحربة في تلك المدرسة وهو الذي وضع اساس الفكر المتطرف وفلسفة العنف اللامقدس بعد ان وضع منهج قطع الرؤوس كأداة واسلوب لاختيار القادة وادارة الحكم وذلك في وصيته المشهورة في الخلافة .

العامل الثاني: البيئة والوسط الاجتماعي حيث كما قلنا المجتمع الصحراوي والوسط الجبلي وقسوة العيش في ذلك الوسط كلها مجتمعة تشكل عامل مهم في تأسيس ثقافة العنف والتطرف و قد خلعت تلك القسوة لباسها على الدين وجيرته لصالح ثقافة الصحراء والجبل فيما الدين الذي اتى به الرسول الكريم كان الهدف منه اخراج الناس من جاهلية العنف والقسوة ومن ظلمات ثقافة الوأد والقتل والظلم الى نور العلم والاعتدال وسماحة الاسلام .

هناك من يحاول تبرير ما تشهده المجتمعات السنية من تصعيد في اعمال العنف ونمو ثقافة الارهاب الى عامل الفقر وغياب العدالة الاجتماعية الا ان عدد كبير من المراقبين والباحثين لا يؤيدون مثل هذا الراي لكون ان اغلب الذين قتلوا في عمليات انتحارية كانوا يحملون مؤهلات علمية فالذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة كانوا حملة شهادات ومثقفين فالفقر لا يشكل عاملا اساسيا ولو صدق مثل هذا الامر لكانت الهند ودول فقيرة في افريقيا مثل اثيوبيا او امريكا اللاتينية هي الاكثر تعرضا لموجات العنف والتطرف والارهاب والحال ان الامر عكس ذلك فدول مثل السعودية الغنية بالنفط ووفرة السيولة النقدية تعتبر مصدرا رئيسيا للارهاب وتصدير الارهابيين .

وما يعزز نظرية ان الارهاب مصدره الفكر المتطرف هو كثرة المدارس الدينية المتطرفة وانتشارها في عدد من الدول السنية فالعنف اصبح ظاهرة سنية سلفية وهابية اكثر مما هي ظاهرة شيعية او مسيحية او يهودية او بوذية وما اشبه ‘ فالجماعات المتطرفة والارهابية تنشأ وتنموا اينما وجد الفكر الوهابي والسني المتطرف وعندما يمتزج الفكر المتطرف مع قسوة الصحراء والجبل يخلق قنابل بشرية ومجموعات لا تعرف الرحمة وان حمل اشخاصها شهادات علمية .

فقد برز تنظيم القاعدة في السعودية الوهابية وتطور هذا التنظيم بعد ان انتقل الى جبال افغانستان ليخلف وراءه شعبا كاملا يحمل العنف والفكر المتطرف والمتمثل في حركة طالبان وقبائل كثيرة فلي باكستان ولم يقتصر الامر على تلك البلدان حيث امتدادات ذلك التحول وصلت الى الجزائر والمغرب وشمال افريقيا حيث السلفية الجهادية او تنظيم القاعدة في المغرب "الاسلامي" هذا عدى انتشار القاعدة بشكل قوي بفكره الارهابي المتطرف في الوسط السني بالعراق وخاصة في صحاري الانبار وعشائر البدوا فيها فيما يشهد لبنان اليوم حضورا لتنظيم جديد متطرف وارهابي يسمى "فتح الاسلام" وهو حركة دينية سنية تمولها جماعات سنية في شمال لبنان لها صلة بالفكر السلفي الوهابي والغريب ان كل تلك الجماعات تنشأ تحت رعاية حكومات وشخصيات رسمية في بلدانها خاصة الحكومة السعودية التي يقف علماءها ومشايخها خلف الكثير من تلك الجماعات سواءا بالفتوى او بالاموال التي تجمع وترسل تحت عناوين "خيرية" !

اسعد راشد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبيدالله
2007-05-21
لسوء الحظ ان كثيراًَ من المفاهيم الاجتماعية المستهجنة والمبادئ المنكرة ترسخت في عقليات وسلوكيات المجتمع العربي واصرّت على تبنيها رغم تعارضها مع ثوابت الاسلام الذي تخلف العرب عن تجسيده بشكل ملائم نتيجة عدم الانصياع والانقياد لمبادئ الدين الجديد منذ بداياته الاولى. فالحدّة مثلاً تعدّ شجاعة، والغضب والاصرار على الخطأ والعناد على الباطل والتمادي في الغيّ يعتبر قوة شخصية وصلابة ارادة، والتواضع ضعفاً، والاعتذار عن الخطأ خور، والندم على الاساءة منقصة، والتراجع عن التمادي عيباً، والتعقل او الترفع جبناً.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك