المقالات

طائفيون


حيدر حسين الاسدي

تروي لنا الروايات أن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قد خرج - في ليلة قد رشت السماء - أي أمطرت - وهو يريد ظلة بني ساعده - وهي مظلة كبيرة أو خيمة يحتمي الناس بها من الحر نهارا، ويأوي إليها الفقراء والغرباء ليلا - فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شيء، فقال باسم الله، اللهم رده علينا.قال: فأتيته فسلمت عليه، فقال: معلى؟ قلت نعم جعلت فداك، فقال لي: التمس بيدك، فما وجدت من شيء فادفعه إليّ، قال: فإذ أنا بخبز منتشر، فجعلت ادفع إليه ما وجدت، فإذا أنا بجراب من خبز، فقلت جعلت فداك، أحمله عليّ عنك، فقال: لا، أنا أولى به منك، ولكن امض معي.قال: فأتينا ظلة بني ساعده، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخرهم، ثم انصرفنا.فقلت: جعلت فداك، يعرف هؤلاء الحق؟ فقال: لو عرفوا لواسيناهم بالدقة - والدقة هي الملح. (انتهى)ما زلنا ورغم المبادئ التي نتفاخر بها والقيم والاخلاق التي ندعي اننا نحملها ، تتزاحم في أنفسنا رواسب طائفية مقيتة لم تجلب لنا سوى التخلف ولم تعطينا الا المآسي والمشاكل وجيوش الأرامل والأيتام ممن فقدوا الأب والشقيق والأعزاء من أبناء هذا البلد الجريح.ولعل الاسوء والأخطر في هذا التناحر الطائفي والنَفس الانقسامي البغيض هو تبني الطبقة السياسية ورجالات النخبة المعرفية لهذه النهج كأسلوب وطريقة للعمل السياسي والتفاوض مما خلق حالة اصطفاف وتخندق بدأت تتسع هوته يوماً بعد اخر وبدأنا نحصد نتائجه السلبية تباعاً وصولاً الى الانهيار في العملية ككل وهذا ما لا نرجوه وندعو ونعمل على ان لا يحدث .ان المتطفلين على الوضع السياسي الراهن يعتاشون على الطائفية ويعملون على الأزمات المذهبية ويصطنعون التفجيرات والمذابح الجماعية عند الطائفة "الفلانية" والاختطاف والترهيب في الطائفة "العلانية" حاصدين بذلك الظفر بالمناصب والفوز بحكم زائل مخضب بدماء الابرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الصراعات.أن انجرار أبناء شعبنا لهذه المخططات والسير في طريق الاقتتال والتحشيد الطائفي لا يخدم سوى سياسيي الإرهاب ولن يطور بلد يسعى لعبور شاطئ الإحزان واجتياز مرحلة التخلف لتحقيق مستوى مقبول من التطور واللحاق بركب بلدان عباد الله.فمن واجبنا وعلى عاتقنا الانتباه والحذر والسير وفق عقلانية التخطيط لا وفق تخطيط عقول المتخندقين وأن نكون شعب واعي ينظر لمصلحة بلده وأبناءه قبل مصلحة الطائفة والحزب والفئوية وهذا هو التفكير المنطقي لتحقيق مستقبل افضل للعراق.فإمامنا الصادق ضرب لنا مثالا نحتذي به، فحين خرج حاملا على ظهره شيئا من الطعام ليغيث به بعض المعوزين والمحتاجين من مجتمعه وفي وسط ذلك الليل والناس في ساعة النوم والراحة وفي وقت تزخ السماء بأمطارها لم يتواني عن واجبه ودوره هذا لمجرد كون أولئك المعوزين الذين يعيشون ظروفا إنسانية قاسية على غير رأيه ومذهبه، ولعل روح الطائفية تلك كانت سائدة حينها الأمر الذي جعل مرافقه يسأله إن كان هؤلاء على مذهبه أم لا، متوهما أن الإمام قد يتخذ هذه التصنيفات المذهبية ويعتمدها في مواقفه الإنسانية، لذا أجابه الإمام بأنهم ليسو من شيعة أهل البيت، هكذا علمنا الصادق، هكذا هي مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زائر
2013-07-19
الطائفية والاجرام والقتل والغدر فقط من جانب السنة قوم تعلموا على القتل والغدر وسفك الدماء الابرياء المصلين الطلاب في الاسواق في الشارع في العمل لا دين لهم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك