المقالات

وصايا لاكتشاف الدولة الفاشلة


حافظ آل بشارة

اشتهر مصطلح (الدولة الفاشلة) في تقارير الأمم المتحدة التي تصدر قوائم سنوية بالدول الفاشلة ، وهي نفسها الدول الفاسدة ، الفساد السياسي عادة هو مصدر الفشل ومصدر كل فساد ، وللفساد السياسي ثمار مرة تأكلها الشعوب ، وثمار حلوة للحاكمين ، ورغم ان الشعب هو الضحية لكنه عادة لا يهتم ولا يشكو! الجهل والأمية والتفكك والضياع تجعل الشعوب مستسلمة ، تجعلها ارقاما فارغة ، منظومة الفساد السرية تشغل الناس بأزمات أخرى تنسيهم الأزمة الأصلية ، أزمات للمشاغلة وحرب الاعصاب هدفها تحويل الأضواء عن الفساد . ماهي علامات ظهور الفساد السياسي ؟ أهم العلامات وجود اختلاف وتناقض واضح بين شعارات النظام الحاكم المعلنة في الاعلام وبين سلوكه التنفيذي على الأرض ، فهو في الشعارات نظام عادل لكنه في السلوك نظام استبدادي ظالم ، تتحول حكاية الديمقراطية الى غطاء ، يستغل المسؤولون مناصبهم لتحقيق أهداف شخصية او حزبية ، وعندما يستمر هذا السلوك لعدة سنوات ينتج دولة فاشلة ، فتظهر الأمراض ذات الطابع الأممي التي تؤدي الى فناء الشعوب ، وفي القرآن الكريم قصص انقراض قبائل وامبراطوريات وأقوام كانت أما فاسدة ، أو راضية بالفساد ، أو ساكتة عنه وهي ضحية له ، تتشابه تجارب الفشل البشري ، هناك سيناريو عالمي متكرر لقصة الفساد في العالم ، فعندما يستكمل النظام الفاسد ادواته تبدأ منجزاته الخطيرة بالظهور وهي عادة : الرشوة ، المحسوبية ، الابتزاز ، الاحتيال ، تجارة المخدرات ، غسيل الأموال ، الدعارة ، الطبقية ، فشل مشاريع التنمية والاعمار ، فشل التجربة الديمقراطية ، تعجز الانتخابات عن تغيير الوجوه الحاكمة ، فبدل ان تساعد في ازاحة الفاسدين وتمكين اصحاب النزاهة والكفاءة تستخدم بشكل مقلوب لتمكين الفاسدين واقصاء الشرفاء ، الانتخابات في الدولة الفاسدة شكلية تحكمها المراهنات والتزوير وشراء الاصوات ، وترشيح المحضورين قانونا ، واذا اسفرت عن نتائج لا ترضي رموز السلطة يتم تجاهلها بالتواطؤ ، فشل الديمقراطية يؤدي الى فشل عملية الفصل بين السلطات وخضوعها لسلطة واحدة غير معلنة ، فيفقد البرلمان دوره الدستوري التشريعي والرقابي ويقع تحت رحمة الصراع الحزبي الذي يعتمد وسائل الضغط الخفية مثل المليشيات السرية والتهديد والاغتيال والترغيب والترهيب والفضائح المختلقة لاسكات الخصوم ، ومن نتائج هذا الصراع سقوط المواثيق والتعهدات بين الاطراف وعدم الوفاء بها ، فقدان المعايير والثوابت في العمل السياسي ، بيع وشراء المناصب لما تنتجه من أموال ، فقدان الجدية والعدالة في العمل الخدمي ، واذا اراد النظام تقديم خدمة للناس فانه يطالب المستفيدين بتقديم الثمن وهو اعلان الولاء ، هذه هي امراض الدولة الفاشلة ، التي تصبح فاشلة بسبب فسادها السياسي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك