المقالات

لقمة صغيرة في افواه الفاسدين /

396 11:55:00 2013-07-13

حافظ آل بشارة

بدأ شهر رمضان وبدأت معه الموجات الثلاث المعروفة ، موجة جديدة من المذابح الارهابية ، موجة جديدة من الحر ، موجة جديدة من انقطاع الكهرباء ، يصف العراقيون انفسهم في الشعر واحاديث المقاهي بأنهم اهل الغيرة والنخوة والشجاعة وان الذبابة لاتجرؤ على المرور من فوق انوفهم ، لكنهم لم يكونوا كذلك في مواجهة هذه الموجات التي برهنت ان العراقيين شعب مستضعف يتفرج على بلده الثري العريق كيف يصبح لقمة صغيرة في افواه الفاسدين ، يبتلعونها بسلاسة فلا يغص احدهم بالملوية او ساعة القشلة ، كيف احتل المرتبة الحادية عشرة في تشكيلة الدول الفاشلة ، وكيف ان ربع سكان تحت خط الفقر ، رحلة المواطن متواصلة بين الفقر والخوف والذل ، مواطن يذله اصحاب المولدات الاهلية الذين يسرقون نقوده كل شهر ، فاذا عاتبهم وهو يتصبب عرقا سلقوه بالسنة حداد فلاذ بالصمت ، تذله نقاط التفتيش التي مازال جنودها يحملون جهاز السونار الوهمي الذي جاء بصفقة تأريخية راح ضحيتها التاجر البريطاني القابع في السجن عشر سنين ، لكن السونار مازال محترما عندنا وكلما رآه الناس في نقاط السيطرة شعروا باهانة فلاذوا بالصمت ، مواطن تذله دوائر الدولة التي لا تنجز له معاملته الا برشوات منتظمة يتقاضاها موظفون كالذئاب بل اشد ضراوة فيلوذ بالصمت ، يذله راتبه الهزيل الذي هو فضلة من مائدة المترفين ، يريد ان يعيش به عزيزا كريما وهيهات منه ذلك ، فمنه يدفع ايجار البيت وايجار المولد وايجار المدرس الخصوصي وايجار كناسي القمامة واجور الماء والكهرباء وتكاليف الطبيب ورشوات الدوائر يفرغ جيوبه ويلوذ بالصمت ، مواطن في بلد ثروته كثروة الولايات المتحدة لكنه يعيش عيش الصومال فيلوذ بالصمت ، الذين يفترسون العراق ويمضغونه كل يوم لا يخافون من أحد ، فما سر شجاعتهم ؟ جندي من افراد الحمايات يتصرف في الشارع كحرملة ويرى جميع الناس خرافا للذبح ، صاحب مولدة عندما تتحدث معه تشعر كأنك تتحدث مع عبيد الله بن زياد ليس له رغبة في الرد عليك ، وكيل الحصة لا يعجبه ان ينظر اليك وانت تتحدث معه ، موظف في دائرة هو امبراطور والمواطن امامه قزم ذليل ، هذه الموجة من الاذلال تثير ثلاثة اسئلة على الاقل : 1- لماذا يتصرف هؤلاء المذكورون اعلاه كجبابرة لا يخافون من أحد ؟ من اين جاءتهم الشجاعة والثقة بالنفس ؟ ... 2- لماذا يشعر المواطن بكل هذا الرعب منهم ويخضع لهم ، هل هؤلاء هم جلاوزة المرحلة ؟... هناك المصريون حشدوا 6 ملايين متظاهر فاسقطوا رئيسهم ، اما العراقيون فعاجزون عن اسقاط صاحب مولدة او وكيل حصة او معقب في دائرة المرور ! 3- الا يدل هذا المظهر على أن قوى الفساد هي السلطة الحقيقية التي تستعبد الجميع وترهب الجميع ؟ أليست هذه هي اللحظة التي يقف فيها العراقي امام الشدائد وحيدا فريدا ، خندقان في جبهة طرفها الاول قوى الفساد والارهاب وطرفها الثاني شعب اعزل ، جبهة الفساد متماسكة ، قوية ، مدججة ، واثقة ، خبيرة ، وجبهة المواطن خاوية مشتتة تلوذ بالصمت ، قوى الفساد نجحت مسبقا في تقسيم الناس الى طوائف واعراق ومناطق ارادت اقناعهم بأن يتقاتلوا فلم يفعلوا ، استوردت آلاف الارهابيين لقتلهم عشوائيا ، صراخ الثكالى اليومي يحجب اصوات اؤلئك الذين يقتسمون الغنائم ، العراقي وحده يقف امام مشهد برزخي ، يتصبب عرقا ، ينفعل ، يرتجف ، يلوذ بالصمت ، تنتظره الجلطة ، يموت في المصعد العاطل الذي استوردته احدى شركاتهم ، لا أحد يبكيه لأن الناس منشغلون باستخراج الجثث من تحت انقاظ الانفجار الجديد .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك