المقالات

في أمراض العمل السياسي: المشيخة الحزبية!


على طاولات السادة النواب مشروع قانون للأحزاب، وفي الساحات الفكرية والسياسية والثقافية ثمة حديث عن مدى مشروعية العمل السياسي في ظل عدم وجود مثل هذا القانون..ومعظم من يتناولون هذا الموضوع الحساس، يتناولونه من زاوية الوضع القانوني للأحزاب، وضرورة حصولها على إجازات بممارسة العمل السياسي وفقا للدستور، ولا ريب أن هذه زاوية مهمة جدا، لكنها لا تعتبر الأهم في موضوع الأحزاب..

الحاجة الى إصدار قانون للأحزاب يجب أن يبنى على فلسفة قيمية تنبع من الأجواء السياسية العامة، وهي بلا شك أجواء ديمقراطية، وعلى هذا فأن الفلسفة القيمية يجب أن تتبع نفس الأتجاه، بمعنى أن تؤمن الأحزاب بالديمقراطية كأسلوب لتداول السلطة والمشاركة في أدارة الدولة، وتؤمن ايضا بالديمقراطية كأسلوب للعمل التنظيمي داخلها..!

 وهذه هي النقطة المهمة التي تؤخر تشريع قانون الأحزاب في بلدنا، فمعظم الأحزاب لا تتوفر على بنية تنظيمية تتيح للوسائل الديمقراطية أن تلعب دورها في ترتيب البيت الحزبي الداخلي.. وليس من المنتظر أن يشهد بلدنا حياة سياسية مزدهرة ديمقراطيا، فيما عناصر هذه الحياة أي الأحزاب، لا تؤمن بالديمقراطية الداخلية، أو لا تمارسها على الأقل، فالديمقراطية ينجزها ديمقراطيون.. و

حتى لو عقدت الأحزاب مؤتمرات تنظيمية، فهي غالبا مؤتمرات شكلية يعيد فيها المؤتمرون إنتخاب"القيادة التاريخية" للحزب مجددا، بل ان هذا البند كان مثل مادة مكشوفة قبل بدء الامتحان ، فهذه سنة الأحزاب فى السياسة العراقية. وبعض قادة الأحزاب يتسنم ذات المنصب مدى الحياة بلا منازع. إننا لا نتورع أن نصف معظم الأحزاب السياسية العراقية بأنها أحزاب شمولية على الصعيد الداخلي، ومن تشكل وعيه وتشرّب بالشمولية والاحادية، سيعجز عن استيعاب التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها وطننا..

المسألة تحولت لحالة مرضية ضربت القوى السياسية في صميمها، وهي تدمر الإبداع وتقف حجر عثرة أمام أي أمل بالتطوير. وربما الأمر يعود لبنية المجتمع العراقي، الذى ينزع نحو السائد والمألوف والمعروف وفقا للعقلية القبلية التي ما زالت متمكنة من عقولنا، حيث يتخوف المجتمع من كل ما هو جديد ويخشى التغيير. فهناك سلطة زعيم القبيلة الذى يسود مدى الحياة، ووجوب طاعة الشيخ هو شكل العلاقة بين الشيخ وحواريه ومريديه. فانتقلت هذه الحالة من بيئة المشيخة والأبوة المجتمعية الى باحة الأحزاب السياسية.

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك