المقالات

شراكة الأغلبية وأعتراض الرئيس !!


محمد الحسن

لم تُشكّل نتائج الأنتخابات الأخيرة مفاجأة , وكان متوقعاً إن تغييراً حتمياً ستفرزه تلك العملية .. لكن حجم التغيير وسرعته مثّل صدمة مخيبة لبعض القوى المتنفذة , حيث خسرت الجزء المهم من حجمها (أي عدم قدرتها على تشكيل حكومة ) , تلك القدرة التي جعلت (دولة القانون ) تؤسس لحكومات محلية وفق مبدأ الأغلبية أو(التهميش ) في أنتخابات 2009 .. يبدو أن التغيير الذي حصل فاق حدود التوقعات , فأن تخرج بغداد والبصرة من سلطة رئيس الوزراء هو بحد ذاته مؤشر على سلوك طريق اللاعودة , وبقراءة متأنية لمعطيات المرحلة الحالية (تشكيل الحكومات المحلية ) , نجد بوادر الأنفراج والهدوء تلوح في أفق الوضع العراقي برمته , ولعل مربع الأزمات الذي يقبع فيه البلد منذ 2010 هو محصلة لرؤية أحادية حاولت بناء سلطة مستعينة بتجربة السابق , حيث الأعتماد على الولاءات العشائرية والدوائر العائلية الضيقة الأمر الذي يفرغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي .أن خريطة التحالفات السياسية التي تشكلت وفقها (العاصمتان ) , لم تكن ناتجة عن رغبة بتولي تلك القوى للمواقع فقط , فكلنا يعلم حجم التحدي في ظل وجود مركز يستطيع أن يكون معطلاً لأي نجاح منشود .. رغم كون تلك المجالس والحكومات المحلية خدمية أكثر مما هي سياسية , بيد أنها مهّدت لخريطة جديدة قد تُصاغ في مرحلة سياسية مهمة نكاد نصل أعتابها , أضافة لكشفها عن حقيقة بعض الطروحات لأطراف بعينها , وهنا نستذكر تبني السيد رئيس الوزراء لمبدأ الأغلبية وأصراره على أن يُغلّب على كل الخيارات المتاحة , حتى أصبح شعار الأغلبية جزء أساسي من الحملة الأنتخابية لدولة القانون .. لكن المفارقة الغريبة أن تطبيق هذا المبدأ في بغداد (دون كتلة القانون) أثار حفظية رئيس الوزراء وأدى به أحياناً إلى كيل أتهامات خطيرة لكتل بداعي تهميش كتلته , ومن جهة أخرى آلت عملية التشكيل تلك إلى تشظي واضح في كتلة دولة القانون لدرجة أنفصال بعض مكوناتها المهمة بطريقة هادئة وغير معلنة . لماذا كل هذه الضجة حول تشكيل الحكومة المحلية في العاصمة بمعزل عن كتلة الرئيس , سيما وأنه صاحب مبادرة الأغلبية ؟! سؤال يتبادر إلى أذهان العقلاء , في دولة القانون قبل غيرهم . وهل حقاً أن المحافظ ورئيس مجلس المحافظة بأمكاناتهم البسيطة وصلاحياتهم المصادرة من المركز , يستطيعوا أن يساهموا (سلباً أو أيجاباً ) بالأمن ؟! لعلنا نعرف العلة الرئيسية التي تجعل السيد المالكي يُصر على (التفرد) , فليس حجة التقييد لعمل الحكومة إلا ذريعة يراد من خلالها أستكمال سعي الوصول إلى (سلطة مزمنة ) .. درس عملي أرادت أن تقدمه بعض الأطراف للسيد رئيس الوزراء , فبعد أن نقض مواثيقه وأتجه صوب الأستحواذ , وجد أغلب المكونات السياسية لا تثق به وما محاولات الخلط والشكوى من التهميش إلا ورقة أخيرة يحاول العودة بها لدورة ثالثة أصبحت مستحيلة , فلا مكانته الجماهيرية تتيح له ذلك ولا تماسك كتلته التي بدت أقل الكتل أنسجاماً وأضعفها تجعل طريق الرئاسة سالكاً .. أستخدام تلك الورقة مؤشر ضعف كبير أصاب القانون بدليل أرتكازها على الأتهامات ذات النبرة الطائفية التي تُضعف الحكومة أكثر , حيث تتنازل تلك الحكومة عن قيادتها لمناطق جغرافية واسعة ضمن رقعة البلد وتخلي مسؤوليتها عن ساكني تلك المناطق لأنهم من مكون آخر , وبذات الوقت تعقد الصفقات مع أطراف متهمة بالعنف والإرهاب كما حصل مع (مشعان الجبوري) أو تعتمد على حليف ضعيف من المكون الآخر (صالح المطلك ) !! هذه الأزدواجية الصارخة تجعل الأداء أكثر تخبطاً وأقل أتزاناً .. البقاء ضمن تلك الأجواء يجعلها تلتهب لدرجة مخيفة , لذا يتطلب الأمر خلطة جديدة قادرة على أنهاء أو تخفيف حدة التوترات الطائفية .

نقطة مهمة أتضحت , أن العملية السياسية تحتاج إلى أعادة تنشيط عبر الخروج من قوقعة اللعبة (المكوناتية ) .. هذا ما أكدته التحالفات , فالقوى المكونة لحكومة بغداد المحلية لم تأتلف على أساس المحاصصة الطائفية , إنما تحالفت ككيانات سياسية وفق نظرية الشراكة الحقيقة والتي يبدو أنها الحل الأنجع للأزمات المتواصلة منذ حين .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك