المقالات

هل تريدونه وطناً ، أم مسلخاً ؟


( بقلم : فارس الطويل )

إنَّ مايحدث من جرائم وأعمال إرهابية مروِّعة ، بحق الأبرياء في العراق ، ينبغي أن لايجري الحديث عنها وكأنـّها من فعل طائفة معينة ، كالسنة ، أو الشيعة ، لأنـّها أساساً ، لايمكن أن تعتبر سلوكاً إسلامياً ، أو أخلاقياً ، أو إنسانياً ، فضلاً عن أنـّه لاتوجد طائفة دينية ، أو مكوّن إجتماعي ، يتشرّف ، أو يتباهى بنسبة أفعال القتل ، والغدر ، المُخزية إليه ، لأنّها ستشـوِّه سمعتـَه ، وتلوِّث كيانـَه ، وتخدشَ قيـََمَه وفضائله . فهذا الذي يجري في العراق ، الآن ، من تفخيخ ، وذبح ، وترويع ، وتدمير ، وتهجير ، للعراقيين ، إنما هو جرائم وحشية قذرة ، يقوم بها قتلة مسعورون ، ومجرمون محترفون ، لاينطلقون ، بالتأكيد ، من كونهم سُنّة أو شيعـة ، أو مسلمين ، أو عراقيين ، حتى وإن زعموا أنـّهم كذلك ، ورفعوا رايات الجهاد والتحرير ، وتشدَّقوا بشعارات إسلامية ، وتلثـَّموا بعناوين وطنية .

ولذلك فمن الحمق والعار ، أن يحاول البعض ، ومنهم رجال دين كبار ، تبرير تلك الأفعال الشيطانية ، أو الدفاع عنها ، أو التغطية عليها ، تحت أية ذريعة ، ومن ذلك ، مايقوم به بعض صغار العقول ، من وصف تلك الفظائع ، بحق أبناء وطنهم ، بالمقاومة ، والجهاد ، والبطولة !!. ومن النذالة والجبن ، أن يرفض البعض ، الوقوف ، بوضوح ، ضدّها ، وإدانتها ، بقوة ، وبصوت ٍ عال ٍ ، بحجة أنّ الإحتلال هو المسؤول عن ذلك ، حتى وإن إعترف الإرهابيون ، علانية ، وعلى رؤوس الأشهاد ، وبفخر وقح ، بأنـّهم من إرتكب هذه المجازر !!.ويندهش المرء ، وهو يقرأ ، أو يسمع ، كل هذا الكم من الكذب ، والتسويف ، والتلفيق ، وتشويه الحقائق ، للدفاع عن القتلة والذبّاحين ، من شيوخ ومثقفين ، ومحاولة تبرئتهم من سفك دماء الأبرياء ، مع أنـّهم يعلمون ، يقيناً ، بأنَّ هؤلاء الإرهابيين ، يمتلكون حقداً ، وشراسة ، وتعصباً ، يجعلهم لايتورّعون عن فعل أي شيء ، ولايفرقون بين حلال ، أو حرام ، وجرائمهم الهمجية في العراق وغيره ، أوضح دليل على ذلك .وهل هناك بشاعة أكثر ، من هذه التي ترتكبها بهائمهم ، وسياراتهم المفخخة ، وسط الأبرياء ، في العراق ، يومياً ؟. ومن التعصب والغباء ، أن يتهم َ البعض ، طائفة بأكملها ، بقتل وإرهاب أبناءَ طائفته ، بينما هو يرى الإرهاب الأعمى ، يحصدُ أرواح أبناء الطائفة الأخرى ، بطرق بشعة ، لامثيل لها في التاريخ .

إنّ الإنسان ، ليشعر بالقرف ، والخجل ، في نفس الوقت ، من هذا الإصطفاف الطائفي البغيض ، لدى البعض ، والذي هو نتاج ثقافة طائفية مهترئة، وفكر إقصائي متزمت ، الذي يريد أن يفرض رؤيته الشاذة ، وتفكيره العدواني ، على عموم أبناء طائفته ، فيجعل من نفسه وصيّاً على الطائفة ، وناطقاً باسمها ، وقرصاناً يذودُ عن حياضها .أو يريد ، أن يختصر عذاب العراقيين ، جميعاً ، بمنطق موبوء ، ومتخلّف ، ومفخـّخ ، وشرير ، لايرى من كل هذا النزيف ، والرعب ، والخراب ، الذي ينهش وجه العراق ، ويفترسُ كلَّ أبنائه ، سوى عذاب أبناء طائفته ، فقط ، على أيدي أبناء الطائفة الأخرى !! ، التي لايتردّد في وضعها ، في قفص التجريم ، والتشهير ، والتخوين ، والتلفيق ، والتسقيط ، بلا تمييز ، وكأنّ الإجرام ، والخيانة ، والنفاق ، والجبن ، صفات ترتبط بطائفة معينة ، وليس بجميع البشر ، ومنهم أبناء طائفته ، أيضاً ، أو أنَّ دماء أبناء طائفته ، أغلى ، وأزكى ، وأطهر ، من دماء الآخرين ، ودموعهم أكثر صدقاً وحرارة ، من دموع أبناء الطوائف الأخرى ، الذين يتشاركون معاً ، في الإنتماء لوطن واحد ، ودين واحد ، وأمة واحدة ، وإنسانية واحدة ، ويكابدون معاً ، وبنفس الدرجة ، أهوالَ القهر ، والحرمان ، والخوف ، والإرهاب .

هذا البعض الطائفي ، البائس ، الذي ينظر إلى كل شيء في هذا الكون ، بعينين طائفتين بليدتين ، وقلب يعتوره الحقد ، لايستطيع ، بالتأكيد ، أن يرى الجوانب الأخرى ، الفظيعة ، من صور المأساة ، التي يتلظـّى بنارها ، العراقيون جميعاً ، سنّتهم وشيعتهم ، ولن يقدر ، أيضاً ، أن يفهم معنى لماذا يجب أن يكون السنّي عـدوّاً لشقيقه الشيعي في العراق ، الذي عاش معه ، دائماً ، بمحبة ووفاق ، ولماذا ينبغي أن ينتقم ، أحدهما من الآخر ، وهما يركبان معاً ، سفينة واحدة ، تسير بهم في بحرٍ كبير هائج ، يعجُّ بالقراصنة .

إنَّ مايحتاجه العراقيون ، الآن ، هو الصوت العاقل ، والحكيم ، والوطني ، والنزيه ، والشجاع ، الذي يستطيع أن يتكلّم ، بوضوح ، وبعبارات مباشرة ، وصريحة ، لاتحتمل التأويل ، أو التزوير ، فيُدين ، و يُعـّري ، و يفضح كلَّ أعمال الإرهاب ، و الإجرام ، التي يتعرض لها الإنسان العراقي ، شيعياً كان أم سنياً ، من قبل أية جهة كانت ، و أيّاً كان إنتماؤها السياسي ، أو الطائفي ، فالذي يقتل الإنسان العراقي البريْ ، أو يحرِّض على قتله ، أو يتستـّر على قاتله ، إنما هو مجرم وقاتل ، ينبغي أن يُحاكم ويـُدان ، دون إعتبار لهويته الطائفية أو الحزبية ، أو مكانته الدينية ، والإجتماعية ، والسياسية .

وإلاّ سيتحوّل الوطن ، إلى مسالخ باردة ومعتمـة ، ليس لذبح البشر ، وتقطيع أوصالهم ، فقط ، بل لذبح العقول ، والنفوس ، والضمائر ، والقضاء على إنسانية الإنسان ، ودوره ككائن إجتماعي وأخلاقي ، في صنع الحضارة والنهضة ، وبناء المستقبل . فهل ينتبه لذلك السياسيون ، والمثقفون ، وعلماء الدين في العــراق ؟فارس الطويل - ألمانيا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك