المقالات

قادة سياسيين، ولكن ليسوا ساسة..! بقلم: قاسم العجرش * كاتب وإعلامي


 

ربما لا ينافسنا شعب باهتماماتنا وقدراتنا السياسية، إذ قلما تجد عراقي لا يتحدث بالسياسية، ولربما معظم "بسطاءنا وعامتنا" يستطيعون إن يقرؤوا الواقع السياسي، بدراية يحسدهم عليها كثير من "ساسة" شعوب غير شعبنا...ولقد قيل قديما أن العراقيين شعب مولع بالسياسة، وهو شأن لا يحتاج الى جهد كبير لتفسيره..فهيهنا بنيت أول الحضارات، وهيهنا تشكل أول نظام سياسي عرفته البشرية، وهيهنا سبقنا الجميع في إنشاء أول مجلس للنواب بالتاريخ...!وقد كتبت فيما سبق في هذا الموضوع لكن من زاوية أخرى..!

أول مجلس نواب عرفته البشرية هو "الكاروم" الآشوري، وكان لكل مدينة من مدن الإمبراطورية الأشورية "كارومها" المتشكل من أعيانها ورؤساء المهن والحكماء والكتاب أيضا!..ومن مجموع الكارومات يتشكل الكاروم الأعظم الذي هو بالضبط مجلس نواب الشعب العراقي آنئذ..!

"كنا" شعب حي، حي بمعنى حيوي وفاعل ومنتج ومؤثر بالإنسانية، "كنا" هكذا، بل كنا قادة الإنسانية سياسيا وعمليا، لغاية ما كانت الكوفة عاصمة لأول وآخر دولة عدل في الأرض..تلك كانت دولة علي بن أبي طالب عليه السلام، وبعدها لم نستطع المحافظة على هذا النظام السياسي العادل..

يا لخيبتنا وخسارتنا..لقد خذلنا أنفسنا وخذلنا إرثنا وخذلنا حتى أسلافنا أهل أول "كاروم"..لصالح أنظمة جاهلة ظالمة مستبدة ديكتاتورية، وكنا فرحين باستبداد خلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس وسلاطين الترك والمماليك والقز والخزر و... ولكننا بقينا سياسيين..فقط هذه تحسب لنا..!

ومثلما هي سنن الأمم ومثلما يحصل في كل مكان، يتلقف الآخرين ما تبنيه فيحاكونه، فيما أنت تهدم ما بنيته..هذا بالضبط ما فعلناه، تخلينا عن أن نحكم أنفسنا بطرق مقبولة، وقبلنا مرة طائعين ومرة مرغمين ،أن نحكم خمسة عشر قرنا بالطريقة التي ذكرتها.. ولكننا بقينا سياسيين..فقط هذه تحسب لنا..!

في هذه الأثناء كانت أمم أخرى تنقب في تاريخنا، وكانت تحاكي ذلك التاريخ لأنها وجدت فيه نقاطا مضيئة جديرة بأن تحاكى... وتلك مفارقة أن يحاكي آخرين ما صنعنا فيما نحن نغادره ناكصين..لكننا بقينا سياسيين..فقط هذه تحسب لنا..!

منذ عشر سنوات في مثل هذا اليوم بالضبط، ركلنا آخر السلاطين، وبدأنا مسيرة العودة نحو أنفسنا..نحو الحياة..لكننا منذ بداية هذه المسيرة، واجهنا مشكلة لم تخطر على بالنا قط سيما نحن "كلنا" سياسيين بطبيعة الحال! وهذه خطوة متقدمة لأن السياسة باختصار هي الحياة، والشعب الذي يعرف قيمة الحياة هو شعب واعي ومثقف ومعلم، لكن المشكلة تكمن فيمن يتصدى لقيادة العمل السياسي أي النخبة السياسية التي يجب أن تتمتع بمقومات القيادة من ثقافة وطموح و قدرة على قراءة الماضي واستطلاع الحاضر واستشراف المستقبل.

المشكلة ببساطة أننا شعب من السياسيين فيما يقودنا رجال ليسوا مثلنا سياسيين، رجال لا يتوفرون على الحد الأدنى من المعارف السياسية.. لكننا لم نكن سياسيين حينما قبلنا بهم، وهذه تحسب علينا..!

كلام قبل السلام: تلك هي المشكلة التي ربما ستعيدنا الى عهود السلاطين..!

 

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العراق
2013-04-12
السلام عليكم لقد ذهبت السياسة والآن حكم الصبيان ذهب الطاغية ذو السياسة الرعناء وجاء من لا يعرف السياسة وللأسف وبلا تشاؤم ان مصير العراق اسود القائد الذي لا يكسب شعبه مصيره الهلاك ولا يترحم احد عليه والمشكلة الشعب يطيح فيها تذكروا اليهود ونعم الله عليهم وماذا فعلوا في معصية الله وماذا كان مصيرهم ويصير
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك