المقالات

نزول بنات نعش....بقلم: قاسم آل ماضي


 اذكر اني مره سألت والدتي عن مجموعة نجوم كنت قد رأيتها في السماء، كنت يومها طفلا صغيرا كباقي الصغار الذين يمضون ساعة قبل المنام بعد النجوم،وكان عدد النجمات لا يتجاوز السبع لكنهن مرتبات بشكل غريب..!..  فرفعت والدتي رأسها الى السماء ونظرت لهن، وبعد تأمل بسيط قالت إنهن بنات نعش.. كانت اجابتها واثقة، وبدت وكأني سألتها عن اسم خالتها..! فقدأ ذهلتني طريقتها بالأجابة، حتى اني لم اسأل عن معنى بنات نعش..لكنها وهي تعرف إلحاح الصغار، لم تنتظر أن أسألها، فتحدثت ساردة  قصة بنات نعش المعروفة والتي غدت واحدة من أساطير موروثنا الشعبي العراقي..

وبقي شرح الوالدة عن بنات نعش مطبوعا في ذاكرتي ، فقد كنت اتأمل في السماء دوما في بنات نعش على امل ان ينتهين من تشيع نعشهن، ويبدأن مرحلة جديدة من الحياة..لكنهن بقين في السماء يشيعن نعشهن أبد الدهر..

حال بنات نعش ، أو حالنا ، هو مصيرنا أو قدرنا، ..نعوش، نعوش، ثم فقدنا حتى النعوش فصرنا نشيع موتانا سرا، ثم ما لبتنا أن تخلينا حتى عن التشييع، فقد صودر منا هذا الحق، وصار موتانا يشيعون ليس من قبلنا، لكن من قبل قاتليهم الى مقابر لا نعرفها وبقي موتهم وكيفيته سرا من الأسرار...

أحبة فقدناهم في ليل حندس نستدل عليهم اليوم من بقاياهم، أوراقهم الممزقة، خرق من ثيابهم التي كانوا يرتدونها ساعة فارقناهم، اسنانهم، ثناياهم ، خاتم في الأصبع أو ساعة..وحيدثا فحص الحمض النووي...

بنات عراق وأخوات عراق وأمهات عراق مازلن كبنات نعش، ونعش عراقي بالتأكيد.. فلم تفارق الأم والاخت والزوجة والأبنة لم يفارقن نعوش ذويهن، وهن اليوم يفزعن الى ذكرياتهن يشيعن تكرارا أحبة ذهبوا في وهدة الليل البهيم على أيدي جلادين قساة..

في نيسان 2003 استبشرنا خيرا بسقوط هبل البعثي، في صبيحة 94 من ذلك العام، ضننا ان بنات نعش سينهين مهمتهن الأزلية، وأننا عدنا من "حفلة" توديع نعوش موتانا، وأن اكتاف ارتاحت الرجال من حمل التوابيت والنساء سيتفرغن لأطفالهن بدلا عن البكاء والعويل، وأننا سنبني مستقبلنا هكذا خيل لنا، ولأول وهلة تصورنا أن بنات نعش سينزلن الى الأرض، وأن منظر النعوش الطائرة سيختفي الى الأبد، وأن الأنسانية ستغادر هذا المشهد الى الأبد..لكن المشهد اليوم يتكرر بأصرار بفارق واحد فقط..الفارق هو أن بنات نعش صرن يشيعن علنا مزيدا من النعوش...نعوش نعوش ..ولا شيء غير النعوش..

وقادة وساسة يتلمضون بدمائنا ، ويتعطرون برذاذ دماء شهدائنا ، يجلسون على عراسي مصنوعة قوائمها من أعظم سيقان الهياكل العظمية لشهداء مقابر بنات نعش..

أوه..لقد أعدنا في نيسان 2003 إنتاج مشهد بنات نعش ولكن بصيغة وأخراج جديدين..

أوه...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
جابر حميد
2013-03-30
قدرنا ياعزيز من جلاد الى جلاد مقاله جميله ومعبره
محمد الجبوري
2013-03-30
غاية في الروعة كلمات معبرة عن الواقع العراقي الاليم وللاسف ستسمر بنات نعش بتشييع جثامين ابناءنا واخواننا حتى ياذن الله سلمت يداك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك