المقالات

لا تصدقوا ... لا عاصمة ولا ثقافة /


حافظ آل بشارة

بغداد عاصمة للثقافة العربية ، عبارة اعلانية كل ما فيها مزيف ، لان بغداد ليست عاصمة لأي شيء ، ولا توجد مدينة حقيقية بهذا الاسم ، هي قرية كبيرة شبه مهدمة تتجول فيها السيارات المفخخة والانتحاريون ، وتملأ ساحاتها خيم العزاء وتلاوات كبار القراء التي تختلط مع عويل الثكالى ، وتقطع شوارعها المليئة بالقمامة جدران خرسانية عملاقة ، وتزدحم في تقاطعاتها أفواج الشحاذين ، فهل هذه عاصمة حقا ؟ ننتقل من موضوع العاصمة الى موضوع الثقافة ، هل توجد في العالم ثقافة بأسم (الثقافة العربية) المعروف ان التمدن البشري يمر بثلاث مراحل ، هي : الرؤية الكونية ، الثقافة ، الحضارة والانتاج الحضاري ، العرب اصبحوا امة عندما اصبحت لديهم رؤية كونية بوجود الاسلام والنبي والقرآن ، ثم تشكلت ثقافتهم الاسلامية ، ولا توجد لديهم ثقافة ولا هوية ثقافية خارج اطار الاسلام ، ثم تشكلت حضارتهم وانتاجهم الحضاري المادي والمعنوي والسياسي والاخلاقي والعمراني ... وعندما فارق العرب الاسلام فقدوا رؤيتهم الكونية وانقطعوا عن ثقافتهم الاسلامية ثم توقفت عجلت انتاجهم الحضاري ، وانتهى فلمهم الهندي ، كانوا دولة كبيرة وفي معاهدة سايكس بيكو سنة 1917 مزقها امراء الحرب العالمية الاولى المنتصرون الى بلدان صغيرة وتقاسموها ، فظهرت لاول مرة في حياة العرب الدولة القطرية ، وهذا معناه ان الاستعمار اختلق للعرب بلدانا ، ثم قام بتعيين رؤساء طواغيت لهم في اطار الانتداب السري ، ثم صنع لهم ثقافة جديدة سماها اللادينية او العلمانية ، وقدم لهم القومية لتحل محل الاسلام ، ثم اقنعهم بأن كل ما اصابهم من تخلف وتبعية وذل هو بسبب الاسلام ! اذن عليهم ان يقلدوا الغرب ويعزلوا الدين عن الحياة ، ولم يكتفوا بذلك فقد زرعوا فيهم اسرائيل التي بقيت تدربهم قرنا كاملا على قبولها كأمر واقع ثم تطبيع العلاقة معها ثم التطوع لخدمتها ، وفي خطوة اكثر اثارة اخترعت المخابرات الغربية شكلا مزيفا من الاسلام المزعوم يعتمد التكفير والعنف وفيه يكون التكليف الشرعي للمجاهد المسلم قتل اخيه المسلم ! نجحوا في اشعال الحرب بين المسلمين ، وربما استعان بهم العربي على اخيه العربي ، وبعد هذه التحولات لم يعد العرب أمة لكي تكون لهم ثقافة ، انهم أمة تابعة ثقافتهم هي ثقافة العولمة الغربية ، تقليد وتبعية للغرب في كل شيء ، نزعة استهلاكية لكل ما ينتجه الغرب ، العرب يرسلون الى العراق افواجا من الارهابيين ويصدرون اليه ثقافة الطائفية والابادة . اذن ما هو المقصود بالثقافة العربية ، هل هي ثقافة التبعية للغرب ، ام ثقافة التكفير ؟ وهل بين الاثنتين نموذج ثالث يمكن التعرف اليه ؟ اذا نجحت بغداد في اقناع العرب بثورة ثقافية او تنمية ثقافية على اساس ثوابت جامعة ، او اقنعتهم بالعودة الى نموذجهم الاسلامي التوحيدي ، وتأصيل هويتهم ، عندها يمكن القول ان بغداد تحاول زرع بذور ثقافة عربية جديدة وحقيقية لكن فاقد الشيء لا يعطيه ، وبدون ذلك فهي الفاجعة ، ويحق لكل عراقي اعلان الحداد على كل هذه المليارات التي يجري انفاقها باسم العاصمة الثقافية ، انها عملية سرقة ناعمة هادئة وشرعية وتحت غطاء ممتاز ، حيث لا عاصمة هناك ولا ثقافة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زيد مغير
2013-03-25
كلام من ذهب ، وأروع فقرة هي ( قدم لهم القومية لتحل محل الإسلام ) وكان المقبور جمال عبد الناصر العميل الصهيوني هو مؤسس أو من اصبح حمارا للصهيونية لتنفيذ هذه الفكرة ، ولا ننسى هتافات عصابة البعث ( فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ) حيث افقدوا هوية فلسطين من إسلامية إلى طائفية .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك