المقالات

الحاكم السياسي .. متى يكون محبا للرعية


محمد صالح الشرماني

متى يأتي ذلك اليوم ونسمع به ان كل السياسيون هم قدوة لنا، على اعتبار ان الشعب عندما اختارهم ليمثلوهم في بناء بلدهم هم على اعلى قمة من الشرف والنزاهة، ولكن غالبا ما يتفاجأ المواطن بأن المظهر الذي رغب بأن يظهر به ذلك السياسي كان باطنه مملوء بالمصالح والمنافع الشخصية. فلابد ان تجتمع عصيهم ويصبحون يد واحدة وتتوحد كلمتهم وصفوفهم خدمة لبلدهم.فلوا رجعنا الى الوراء الى عصر الخلافة والولاية ونطلع على سيرة من سبقونا في حكم البلاد في زمن الانبياء والائمة(ع)، وكيف كانت قيادتهم وحكمهم على شعبهم وكيفية اختيارهم لمن يولوه على حكم ولاياتهم، نذكر هنا خير مثال وقدوة لنا نقتدي به هو من تغذى من فكر ونهج الرسول محمد(ص) " الصحابي الجليل سلمان المحمدي" عندما ولي امارة المدائن والياً عليها، واين كان يسكن؟ لم يتخذ فيها ما يسكن فيه بل كان يتخذ من الاشجار ذات الاغصان مكاناً يستظل به وينام تحته او الجدران العالية كجدران ايوان كسرى وغيره فيتكئ عليها وعنده عباءته التي يفترش نصفها منه ويتغطى بالنصف الاخر.وكيف بقي المرؤوسون معه من موظفي مؤسسة امارة المدائن يلحّون على الامير بأن يتخذ بيتاً يسكن فيه وهو يمانع ويأبى واخيرا طرح احدهم عليه ان يبني له بيتاً، ولكن كيف كان ذلك البيت؟ كان بيته اذا قام به ضرب رأسه السقف، واذا نام لن يستطيع ان يمد رجليه، وهكذا كان بيته الذي عاش ومات فيه.ولقد كان راتبه السنوي في زمانه(5000) خمسة الاف لو صرفه على نفسه لعاش عيشة هنيئة، لكنه ابى ذلك فكان يتصدق به جميعاً ولا يرتاح الا ان يأكل من كدّ يده لا "ان يسرق من ميزانية الدولة كما يحصل اليوم" وعمله بنسج الخوص الذي تعلمه كحرفة منذ ايام عيشه مع الانصار في المدينة المنورة. فيحوك من الخوص حصرانا وزنابيلا وخصافاً يحتاجها الناس ليضعوا فيها التمر ولم يكن عنده من الأثاث غير اداءه وركوة ومطهرة! ولا فراش ولا غطاء لأنه كما قلت قبل قليل يكتفي بعباءته نصفها فراشا ونصفها الاخر غطاءً.اذا لابد ان يكون السياسي الشريف على هذا المستوى في التعامل مع المواطنين، وعلى كل من يريد ان يستلم مقاليد الامور وسدة الرئاسة وكل من امسك بزمامها العالي منها والداني، ان يتعامل مع الناس على اساس الايمان والاخلاص والانسانية، لا ان يكون علو المنصب والمقام في ان يكثر ماله. وأن يعرف كافة السياسيين الشرفاء في العراق الجديد انهم أمام مسؤوليات جسيمة، الأمر الذي يحتم عليهم قبل غيرهم, وفي الوقت الحاضر بالذات اكثر من قبل ان يكونوا على معرفة ودراية حقيقية بالأسس الحضارية لعلم السياسة، وان ينهضوا بكل من له الكفاءة والقدرة للنهوض بواقع البلد نحو الافضل والاكمل لا ان نطمسه على اسس ومعايير واعتبارات، وينبغي لمن يريد ان يتصدى لقيادة شؤون الامة وادارة امور الناس ان يكون على هذا المستوى من مكارم الاخلاق. وختاما اود ان اذكر وصية من وصايا سيدي ومولاي امير(عليه السلام) للأشتر الذي عيّنه والياً له على مصر، في أن يكون محبَّاً للرعية، محترماً لمشاعر الناس من أي فئة كانوا ، سواء كانوا مسلمين أم من أهل الأديان الأخرى. ولا يخفى أن في ذلك تثبيتاً لإنسانية الإسلام واحترامه لمشاعر الناس، وتقوية لبنية النظام والحكومة.قال (عليه السلام): ( وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ ، واللُّطْفَ بِهِمْ . ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك