المقالات

" مصر تمزّق الجلباب الأخواني والنقاب السلفي"


صالح المحنه

من مساويء موجةِ الربيع العربي التي إجتاحت بعض الدول العربية ، أنها إنحنت أمام أعصار التيارات الدينية المتطرّفة التي علِقت بها ومكّنتها من تسيّد المشهد السياسي ، عندما فشلت في تأسيس قاعدة شبابية ديمقراطية عريضة تكفل لها الوصول الى مواقع السلطة ، توحّدوا في الوقوف والصمود والتحدي ضد النظام الدكتاتوري وأسقطوه كما أرادوا ، لكنهم وللأسف تشتت جهودهم بعد الأنتصار وتوقفوا عند سقوط النظام، فأستغلّت جهودهم وصُودرت من قبل الحركات الأسلامية المتطرفة ، ولم يشفع لهم صمودهم وتضحياتهم في ساحات الأعتصام أن تضعهم في مكانهم الذي يستحقون، فقُطفت ثمار ثورتهم من قبل تلك الحركات وتراجعت حظوظهم في تسنّم المراكز المهمّة في الدولة، اما الذين تستروا بلباس الدين شكلاً لامضموناً ، فقد تمكنوا بالمراوغة السياسية التي إكتسبوها من خلال تجاربهم الطويلة أن يتلاعبوا في مشاعر العامّة وبأستخدام الحيل الدينية المتلونة بالشعارات التي تحاكي العاطفة والفطرة السليمة لدى الكثيرين ، مكنتهم هذه الألاعيب من التغلغل الى مواقع السلطة المهمة والرئيسية ، فعلى أكتاف شباب الثورة في مصر تسلّق الأخوانيون والسلفيون المتطرفون ، وحتى لو اعطتهم صناديق الأقتراع الشرعية بالوصول الى ماوصلوا اليه ، فسبل الخداع كثيرة ، وما إن أمسكوا بزمام الأمور بدأوا بتشويه وجه مصر الذي لم يعتد على نقاب السلفيين المتطرفين الذين يتغذون على سموم الوهابية القاتلة ، لم يمض ِ على حكمهم ستةُ أشهر حتى بان وجههم الحقيقي وكشف عن نواياهم واهدافهم التي لايمكن أن تتماشى ومايتطلّع إليه شباب الثورة المصرية ، أهداف الأخوان ومايجاهدون من اجله هو عودة الخلافة والولاية المطلقة الى الرئيس ليؤدي دوره الديني الموكل أليه حسب أدبياتهم وبرامجهم الحزبية التي ترسّخت في نفوسهم الى درجة الأستهانة بالشعب المصري وبكل إتجاهاته المتعددة ، وهذا الذي سعى اليه فعلا رئيسهم محمد مرسي وسارع بإعلانه الدستوري الذي يطلق له العنان في ممارسة كل صلاحيات الخليفة الراشد ، ولكن مصر وكما هو تاريخها وكما هو معروف عن طبيعتها لايمكن ان يتسع لها جلباب الاخوان ولا يغطي وجهها نقاب السلفيين ،وكما أشار شيخهم القرضاوي في إحدى تعليقاته على ريادة مصر وتحضرها وتعدد ثقافاتها فقال لدينا في مصر أحسن قاريء قرآن وأحسن راقصة ! وإن دلَّ هذا على شيء ، فيدل على أن مصر لاتقبل حكم المتطرفين الدينيين ، ويتوهم من يعتقد أن الشعب العربي عموما والمصري خصوصا بأنه شعب متدين ، وإن تظاهر بالتدين ومارس طقوسه شكلياً ، فهذا لايعني أنه يرغب بأن يحكمه متدين ، أويسوده نظام ديني ، ففي كل أحصاء يُجرى من قبل محركات البحث الألكترونية على نسبة المتصفحين للمواقع الأباحية يحتل العرب الأرقام المتقدمة في نسبة الأحصاء ،خصوصا الدول التي يتجحفل فيها الأخوانيون والسلفيون والوهابيون ، ولو كُشفت الأسماء لكانت نسبة دعاة التطرّف هي الأعلى بين المستخدمين للمواقع الجنسية ، فعن أي تدين يتحدثون في الوطن العربي ، ولا يعني هذا طعناً بالدين ، ولكن سوء إستخدام الدين والمتاجرة بمبادءه من قبل المتأسلمين زرع في نفوس الآخرين حالة من الشك والريبة وعدم الأطمئنان لتسلطهم وتحكمهم بمقدرات العباد ، والدلائل أكثر من أن تُعد وتحصى في هذا المجال وفي دولٍ عربية وإسلامية كثيرة ممن تسلّط فيها المتدينون على مقاليد الحكم، لذلك عاد أبناء مصر الذين مهدوا الطريق للمتطرفين الأسلاميين للوصول الى الحكم عندما أسقطوا نظام حسني مبارك ، عادوا اليوم الى نفس الميدان الذي أنطلقت منه ثورتهم ، ليصلحوا ماأفسده ألأخوان وبنفس الأصرار وبنفس الشعار (الشعب يريد إسقاط النظام )، نتمنى لهم التوفيق في تحقيق مسعاهم وإبعاد المتطرفين عن مواقع السلطة المتحكّمة بمقدرات الشعب .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
كلمة
2012-11-28
هنا لا اجد ان هناك مجالا للثورة لان الحكومة انتخبها الشعب بنسبة53 بالمية والحل الامثل القبول على مضض الى حين الدورة القادمة فهذه هي قمة الديمقراطية التي يبحث عنها الجميع والا لو اتخذنها الثورات منهجا لن يستقر وضع اي بلد في العالم . في العراق عانينا من ذات المشكلة ولكن بشكل اصعب فالحكومة اتضح ضعفها ومع ذلك تجد ان الناس ينتخبوها رغم ايمانهم بانها فاشلة وللان لا تفسير لدي لذلك الا بكون نسبة تخدم مصالحها والاخرى اعتادت الظلم والا لماذا لا يبحثون عن الافضل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك