المقالات

تاسوعا عِبرة وعاشوراء عَبرة


عبدالله الجيزاني

الثورة الحسينية حملت كل المعاني والقيم الانسانية النبيلة،ووضعت طريق متكامل لكل القلوب الوالهة للتغيير والمتطلعة للحياة الكريمة،هذه الثورة رسمت مسار الامم التي تعاني من الانحراف والتسلط ومصادرة كل مقدراتها بيد حفنه من اشباه الرجال،وعلى هذا ثار الحسين ليضع الحل الانجع والاصح امام الامة المنكسره في حينها والتي تتعرض لحالها في كل حين بسبب تسلط رهط بني امية على كل مقدراتها،وغذى جسد هذه الامة بدماء الكرامة والعزة والاباء فتوالت بعده الثورات الى يومنا هذا وستستمر الى حين ظهور الامل المنتظر ليملئها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا،والثورة الحسينية كما معروف في سيرتها واحداثها قانون حياة متكامل يحوي كل جوانبها حيث تجتمع فيها كل المتناقضات في تناسق عجيب يصعب على كل كل انسان استيعابه،ففي هذه الثورة تجد السياسة والاجتماع والاقتصاد،وتلحظ السمو والرفعة في اشد حالات الانكسار وتشهد القوة والشجاعة في اوج الطغيان والتجبر،تجد البلاغة والحكمة وقوة الدليل في مجلس الطاغي ووسط زبانيته،تجد الرقة والرأفة في اوج المعركة،قلنا انها حياة متكاملة بكل مافي الحياة من تناقض،وعلى هذا من يريد ان يستوعب هذه الثورة عليه ان يفكك مفرداتها ويتناولها كلا على انفراد،ليستوعب كيف انها حياة،وعلى هذا وصفت بلسان المعصوم انها عِبرة وعَبره،ولكي نجسد الاثنين عمليا ليكن يوم تاسوعا يوم النصرة والبيعة والولاء واثبات الهوية من خلال اقامة المهرجانات والمسيرات والتجمعات التي تحيي الذكرى ونسخر هذا اليوم لايصال مانريد ايصاله لاسلاف بني اميه ممن تعددت وتلونت اشكالهم في يومنا هذا خاصة وان في مثل هذا اليوم وفي كربلاء كان الامام الحسين يأخذ البيعة من اصحابة الغر الميامين حيث تعاهدوا معه(عليه السلام) على نصرته بالانفس والمال والولد،فلنتأسى بهؤلاء الذي هم خير الاصحاب على مر العصور كما يصفهم امامهم وسيدهم الامام الحسين،وقد درج ابناء بغداد على ممارسة هذا الشعيرة قبل تسلط البعث الصدامي على مقدرات الامة حيث منع اقامتها كبقية الشعائر الحسينية،حيث كان يتعاهد الحسينيون في تاسوعا ويبايعوا امامهم في مناطق سكناهم وبعدها يتوجهوا الى ارض المعركة كربلاء لاتمال شعائرهم،وهناك تتجسد امامهم صور الحادثة،يتخيلوا استشهاد علي الاكبر والحسين يجثوا على ركبتيه عند محل مصرعه يعيشوا لحظات قطع كفي ابا الفضل العباس ونداء الحسين(اخي الان انكسر ظهري وقلت حيلتي) يسمعوا صراخ وعويل الاطفال(العطش، العطش)،يشهدوا على بشاعة بني امية ووحشيتهم عندما ينحروا الرضيع ويمد يده ليشرب متخيلا ان دمائه التي سالت ماء، يتصوروا لحظات احراق الخيام من قبل جيش يزيد وخروج بنات الرسالة المحمدية واطفال العترة هائمين في الصحراء،يتعايشوا مع مصيبة الحوراء زينب بين اخوتها المجزرين وعيالهم ونسائهم المسبيين حائرة بين الاجساد المقطعة وجمع شتات الاطفال والنساء وبين ابن اخيها امام الامة العليل،وبين جيش يحمل صورة البشر في ظاهرة لكن وحش في كل ماعداه،هناك في كربلاء يتجمع الحسينيون ليؤدوا مراسم ركضة طويريج وعند الضريح المطهر للامام الحسين واخيه العباس تسيل الدموع وتلطم الصدور على اعظم مأساة انسانية في التاريخ،وعلى ابشع امة تقتل خير مافيها ابن بنت منقذها وسيدها،وتدعي الانتماء له ولدينه،امة انحرفت وهانت حتى مل الهوان من هوانها،وهكذا تحيى عاشوراء بالعَبرة،ويقينا ان هذا الاحياء سيكون اكثر تنظيما وافضل تعبير ولايعني اختصار الامر في اليومين على ذلك ففي كل ارض كربلاء وفي كل يوم عاشورا،وكما درجنا عليه بان نقسم العشرة الاوائل على شهداء كربلاء في توزيع افتراضي فكان السابع للامام العباس والتاسع لعلي الاكبر وهكذا رغم انهم صلوات عليهم استشهدوا في يوم واحد، لكن كي نستفيد من هذه الثورة ونجعلها برنامج حي لحياتنا نسلكه مادام الحياة فينا ونستقي الدروس منها لنعالج الامراض التي نصاب او تصاب بها امتنا بمصل الثورة الحسينية فهو الدواء الامثل لامراض الامم وكل العوق والشلل فيها جسد وروح،وعليه لتكن تاسوعا عِبرة وعاشورا عَبره...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سيد علي الحسيني
2012-11-20
ماذا تريد ان تقول اخي ؟ لم نفهم شيئاً مع الأسف .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك