المقالات

صداع عراقي في مطار القاهرة


( بقلم : عبد الرزاق الربيعي )

استقيت العنوان من تصريح لمصادر أمنية مصرية في مطار القاهرة رأت " أن المطار واجه صداعا بسبب وصول عدد من العراقيين بدون تأشيرات ترفض الدول القادمين منها عودتهم إليها حتى تجمع 13 عراقيا داخل صالة ترانزيت المطار منذ 45 يوما" حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية في نشرتها يوم السبت الماضي مؤكدة ان معظمهم من الأطفال !!!وبصفتي عراقيا فانني أدعو لرأس مطار القاهرة بالشفاء العاجل وأعتذر لحضرته من هذا (الصداع ) الذي سببه عراقيون وجدوا أنفسهم فجأة بلا وطن ولامأوى ولاصديق ولاقريب ولسان حالهم يتساءل مع المتنبي :بم التعلل لا أهل ولا وطنولا نديم ولا كأس ولا سكن وهي القصيدة التي يرد بها بيته الشهير:ما كل ما يتمنى المرء يدركهتجري الرياح بما لا تشتهي السفنواليوم اذ جرت رياح الزمان بالعراقيين بمالا تشتهي سفنهم , وهم الذين كانت  ديارهم مفتوحة القلب واليدين لكل عربي ضاقت به فجاج الأرض ,لم يبق أمامهم اليوم سوى أن يسببوا (الصداع ) للمطارات العربية والأوجاع لرجال الأمن الذين يعملون فيها !!

لم يبق أمامهم سوى أن يرموا أنفسهم في أحضان المطارات لعلهم يجدون في أحدها من يشفق عليهم ويمد لهم يد الأخوة والرحمة انقاذا لهم من الموت الذي يواجههم يوميا عبر جحيم المفخخات والانفجارات والعبوات الناسفة والاختطاف وماالى ذلك من أشكال المعاناة اليومية جراء تراجع الخدمات العامة وتردي الأوضاع المعيشية والصحية والأمنية .

وحسنا فعلت منظمة الأمم المتحدة وجزاها الله خير الجزاء عندما حلت مشكلة هؤلاء العراقيين الذين ظلوا عالقين بمطار القاهرة لمدة 45 يوما بالتمام والكمال , وتخيلوا أن يمر الأجانب الذين يرطنون بشتى اللغات , من أمامهم على مدى شهر ونصف ويرون بأم أعينهم رجال الأمن يهشون ويبشون بوجوههم ويرحبون بهم بكل اللغات , بينما يغلقون أبواب (أم الدنيا) ومقر جامعة الدول العربية وبلد العروبة الذي صدر لنا أبجدية المباديء القومية , بوجه مواطنين عرب مسلمين كل ذنبهم انهم عراقيون في زمن أسود !!!

وبهذا الصدد تحضرني حكاية صديق متزوج من أجنبية ذهبا الى السفارة المصرية في صنعاء وحين طلبت الزوجة التأشيرة قالوا لها "وليه يامدام تعبت نفسك وجيتي ؟ الأولى لك ان تحملي حقيبتك وتأخذي التأشيرة من المطار وبعشر دولات فقط تدفعينها كرسوم " فشكرتهم على هذه التسهيلات وهذا التهذيب الذي لا يليق الا بدولة عظيمة كمصر ثم سألتهم " وماذا بشأن زوجي ؟ " فتساءلوا " وما جنسيته؟" أجابت " عراقي " فاحمرت وجوههم واخضرت وقالوا " متأسفين يامدام لازم نأخذ رأي الخارجية المصرية !!!!"

حدث هذا في أواخر التسعينيات , وقبل شهور أحببت أن أرى (أم الدنيا ) وحين راجعت السفارة المصرية في مسقط قيل لي " تعال بعد شهر" سالتهم "ولماذا كل هذا الوقت ؟" أجابوا "لابد أن نأخذ رأي وزارة الخارجية المصرية " وبعد شهر اتصلت بالسفارة وقيل لي نحن نتصل بك ومرت الشهور ولم اتلق أي اتصال !!!ولنعد الى حكاية العراقيين الذين سببوا (صداعا ) لمطار القاهرة , اذا كانت الدول التي قدموا منها رفضت عودتهم اليها لأنهم بدون تأشيرات فذلك مفهوم ومقبول لأنها دول أجنبية لا تربطهم بها صلات الدم والقرابة والتاريخ المشترك واللغة , كما علمونا في درس التربية الوطنية في المرحلة الابتدائية , فهل نتوقع أن يصدر هذا الموقف من أخوة عرب تربطنا بهم كل تلك الروابط ؟؟؟

وبعد أن حلت منظمة الأمم المتحدة مشكلتهم وأدخلتهم القاهرة "بسلام آمنين " تحت كفالتها وحمايتها , هل يتوجب علينا أن نحمد الله ونشكره لأن منظمة الأمم المتحدة ليست عربية ؟؟؟عبد الرزاق الربيعي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد المالكي / مدينة الصدر / العراق
2007-03-27
اقول ان السبب لما يحدث للعراقيين هو الموقف الضعيف للحكومة العراقية ذلك ان العراقيين يهانون على حدود الكرامة الاردنية يوميا ومع ذلك تعقد الحكومة العراقية الاتفاقات النفطية التي تسهل للاردن الحصول على النفط بنصف القيمة ويهان العراقيون على حدود سوريا القومية العربية بينما لايتوقف جريان التجارة التي تصب في مصلحة الامن القومي السوري اما مع القاهرة التي ساهمت في انقلاب شباط 1963 وفي انقلاب 1968وفي حرب العراق ضد ايران وضد انتفاضة1991فان علاقاتنا الاقتصادية معهم عالية وجيدة اقول حاربوهم بالاقتصاد
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك