المقالات

قصة سندال والثور والطوق الانتهازي

746 17:16:00 2012-11-09

حافظ آل بشارة

هاجس الانتخابات المقبلة يتفاعل مبكرا في جميع الاوساط بسبب الاحباط ، انتخابات بدون احصاء سكاني ، وبدون قانون للأحزاب ، وبدون حسم للمناطق المتنازع عليها ، سجل الانتخابات سيضم مئات الكيانات واغلبها مجرد اسماء ، حتى الاحزاب في هذا البلد هي ليست احزابا وانما تجمعات اما عشائرية او عائلية او برجوازية او ارتزاقية تابعة لقوى خارجية ، الاحزاب في اي بلد هي انعكاس لموقف الشعب وثقافته ورؤيته ، حين يصل التنظيم الاجتماعي الى مستوى متقدم يبدأ الاهتمام الجماعي بشؤون الحاكمية والسلطة والعدل ونظام الحقوق كموضوعات ثقافة عامة ، اما المجتمع الذي عاش القمع والتمييز والفقر والتشريد والامية فهو يفتقر الى تجربة المسؤولية السياسية والمشاركة والعمل الجماعي الذي يسفر عن الاصطفاف الحر المتنوع سياسيا ومطلبيا ، حاليا الشعب العراقي يعيش مرحلة الانكفاء وعدم الوثوق بأغلب القوى الموجودة بسبب تلكؤ التجربة الحالية ، أمراض الأحزاب تغذي أمراض الدولة ، المشاكل نفسها : الفساد ، المحسوبية ، طلب المواقع ، هيمنة مجموعات فوق القانون ، فقدان التنظيم ، اغلب قيادات الاحزاب تفتقر للحرية وهي بين سوطين سوط الضغط الاقليمي ، وسوط الطوق الانتهازي الذي يحيط بها من الداخل ، والطوق الداخلي هو الأقسى فكلما حاول الرئيس ان يتصرف بمسؤولية ضغطت عليه الحاشية المستفيدة بخليطها الانتهازي ممن لا يدركون سوى مصالحهم ، يرسمون من حوله عالما افتراضيا ، عالما من الاكاذيب والاوهام والتخيلات وخداع البصر والبصيرة ، فيكون الرئيس بينهم مرؤوسا مستضعفا مخدوعا كصاحب (سندال) الذي كان يختار كبار القوم فيدبر لهم مقالب مضحكة ، ذات يوم قام سندال باخفاء فرس شيخ العشيرة وربط في مكانها ثورا كبيرا ، واتفق مع اهل البيوت القريبة ، فخرج الشيخ فشاهد الثور وحين سأل عن فرسه أشار سندال الى الثور قائلا له بتعجب مصطنع : هذه هي فرسك يمحفوظ ، واكد له جميع الناس بأن هذه فرسه فلم يستطع الشيخ ان يكذب جميع الناس ويصدق نفسه فاقتنع ان مايراه هي فرسه فامتطى الثور فجفل به ورماه ارضا ليكون في وضع غير لائق . كثير من رؤساء الأحزاب اصبحوا يرون الثور فرسا بفعل خداع وتزويق الطوق الانتهازي المحيط بهم ، في كل تجمع سياسي يوجد مئة سندال يطوقون الرئيس فيرسمون صورة وردية لما يجري ، ويزينون له الفشل والتراجع ، ويمارسون الوشاية والاختلاق ، تتحول الوشايات والاكاذيب الى قرارات قيادية !. هناك قيادات تأريخية دمرتها الحواشي الانتهازية ، وارهقها عدو داخلي بثوب صديق ، اصبحت عاجزة عن اتخاذ القرار الصائب لشعورها بالخذلان الذي يتحول من الشعور الى اللاشعور . بوجود هذا الطوق يسقط الحزب في مستنقع الفساد ويعجز عن بلورة تجربة سياسية او ثقافية او تنموية ناجحة لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، في مثل هذا الوسط ينشأ مجتمع جهنمي صغير لا يمكن لبشر سوي ان يتعايش معه ، مدرسة للانحطاط القيمي بكل اشكاله. وعندما تنعدم القيم لدى الأحزاب التي تسمى عادة بمدرسة القيم فهذا يعني انها تشكل خطرا مستقبليا على بلدها وليست منقذا له ، كل الذي يحدث هو افراز طبيعي لحياة سياسية بدائية فجة ، يصبح الزمن صفرا ، وعندما تنتهي الانتخابات المزورة وغير المزورة تنتقل الاحزاب من التنظير الى الحكم ، ويبدأ ترحيل المفاسد من الاحزاب الى الدولة ، الذين لا يفهمون هذا المسار التطوري يعجبون من قوة الفساد وانتشاره ومستوى تنظيمه وهم قد لا يعلمون انه مولود حزبي نشأ وترعرع في اروقتها الخانقة الموبوءة ثم انتقل الى اروقة الدولة ليبدأ العمل . عندما تجري الأمور بهذا الاتجاه المرعب يبدأ الشعب بالترحم على ارواح المستبدين القدامى .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك