المقالات

صمام الأمان .. تطابق الأفعال مع الأقوال

767 15:07:00 2012-08-23

بقلم سماحة العلامة السيد حســـين الصـــدر

لا خير في الأقوال ما لمْ تقترنْبخوالصِ النيّاتِ والأفعالِحَسْــــــــبُ الفتى نُبلاً وطِيباً أنَّهُمتطابِقُ الأقوالِ والأعمالِالبراعات اللسانية تدفع بالكثيرين إلى إطلاق كلماتٍ تَقْطُر رقةً وعذوبةً وانسانية، فتأخذ بمجامع القلوب، وتقتحم أسوار النفس، لتستقر في حنايا الوجدان، مثيرةً في الأعماق ألواناً من الإحساس بالبهجة والارتياح والتقدير، ولا يمكن لتلك الكلمات ان تُحدث في نفوس الناس ما تُحدث، من تأثيرات هائلة، وتفاعلات ايجابية كبرى، إذا كانت مصطبغةً بطابع الانانية والنرجسية والانتفاع الذاتي واللهاث وراء المكاسب الشخصية والفئوية..لان الناس لاينفرون من شيء قدر نفورهم من تلك الأعراض والأمراض!!.والسؤال الآن: ما هو الفيصل الذي يكشف لنا الحقائق، فنستطيع على ضوئه الوصول الى الواقع، بعيداً عن كل الزخارف وعمليات التضليل والدجل؟إنّ الفيصل الحقيقي هو مقدار تطابق الأقوال مع الأعمال بنحو يكون فيه الميدان العملي تطبيقاً دقيقاً لكل الأقوال والمدعيات والبيانات المغموسة بالسحر الأخّاذ!ان الفئة الوحيدة التي يستملح منها الخيال، والمبالغة، واصطناع الأكاذيب هي فئة الشعراء، ومن هنا قيل عن الشعر (أعذبُه أكذبُه )، أما رجال السياسة والسلطة، فَهُم مسؤولون أمام الله، وأمام الجماهير وأمام التاريخ عن كلّ حرف يقولونه، وليس عن كل كلمة ... والصدق السياسي أندر من الكبريت الأحمر، وهنا تكمن الطامة!!.لقد شبع الشعب العراقي من الوعود المعسولة، والكلمات الرنّانّة ، والخُطَب البليغة التي أُطلقتْ من قِبل المحترفين السياسيين – على اختلاف أحزابهم واتجاهاتهم – حتى أصيب بالتخمة، ولقد دبّ اليأس في النفوس، وانكفأ أصحاب الآمال العراض، بعد سنوات عجاف من الانتظار والترقب لاصلاح الأحوال، فيما بقيت العُقد على حالها، وتفاقمت الصراعات السياسية ليكون الارهابيون وأعداء العراق أكبر المستفيدين منها، ويكون المواطنون هم الذين يدفعون الأثمان قتلاً وقهراً وعذابات مستمرة!.إن مناسيب الثقة بالمحترفين السياسيين قد انخفضت الى حد بعيد، وأخشى ما نخشاه ان ينعكس ذلك على مشاركة المواطنين العراقيين في الانتخابات القادمة، وعندها تبدأ دورة جديدة من المعاناة، بدل ان تنتهي كل الفصول المرّه القائمة!.لتكن مصلحةُ الوطن فوق مصالحكم، وليكن انحيازكم لشعبكم بدل ان يكون لكتلكم، وحساباتكم الخاصة. انَّ نجاح الوطن هو نجاحكم جميعاً، ولكن أين الآذان الصاغية؟ ومتى تبدأ الخطوة الأولى في الرحلة المطلوبة؟.قصة ذات مغزى لقد ألّف المرحوم (النراقي) ت 1209هجرية كتابه الشهير (جامع السعادات) ليكون واحداً من أهم الكتب الأخلاقية، وبالفعل فقد حظي هذا الكتاب بشهرة واسعة، وظل قيد التداول في الأوساط العامة والخاصة حتى الآن.وحين قدم مُؤلِفهُ النجف الأشرف، زاره كبار علمائها باستثناء المرحوم السيد مهدي بحر العلوم – العلم العلّامة المعروف – (توفي 1212 هجرية) وهنا تصدى المرحوم النراقي لزيارة السيد بحر العلوم رغم ان القادم هو الذي يجب ان يُزار فلم يَلْقَ في زيارته للسيد الحفاوة البالغة وهو أمر غريب، لاسيما مع ما عُرف به السيد بحر العلوم من رحابة الأخلاق.ولقد كرّر المرحوم النراقي زيارته للسيد بحر العلوم ثانيةً، حين لم يزره السيد بحر العلوم، ولم تختلف أجواء الزيارة الثانية عن الأولى في شيء، حيث لم تحفل بما يلفت النظر من الترحيب والعناية.ورغم ذلك كله فقد كرّر المرحوم النراقي زيارته للسيد بحر العلوم مرة ثالثة وبمجرد اخبار السيد عن قدوم (الشيخ) الى داره في المرة الثالثة، انطلق لاستقبال الشيخ بحفاوة ظاهرة، واهتمام شديد، وأجلسه في صدر مجلسه، مبديا احترامه الفائق له، ثم ان السيد بحر العلوم – طاب ثراه – أخبر الشيخ النراقي انه قرأ كتابه، وأثنى عليه، ولكنه أراد ان يعرف هل ان الشيخ النراقي ملتزم عملياً بما ورد فيه؟.ومن هنا ترك المبادرة لزيارته، ولم يبالغ في الحفاوة به حين زاره، وتوصل السيد بحر العلوم عبر الاختبار الى حقيقه مفادها:ان الشيخ النراقي يتطابق فعله مع قوله، فهو واعظ متعظ، وحينئذ قابله بما يستحق من الاجلال والاعظام.انّ في القصه درساً ثميناً ينبغي ان لايُنسى.وهكذا يجب ان يحتل الصادقون الذين تتناغم أفعالهم مع أقوالهم موقع الصدارة في المجتمع، وبهذا التطابق بين الأفعال والأقوال، يكون الخلاص من براثن التقصـــير والزيف والانغمــاس في المصـــالح الــذاتية والفئـــوية. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك