( بقلم : علي حسين علي )
ما كنا نتوقع من اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة خيراً، وما كنا نطلب منهم أن يقفوا مع الشعب العراقي ويعينوه على تخطي محنته، فالجامعة العربية التي اجتمع الوزراء تحت سقفها مثل الماء الراكد(لا يزيل النجاسة ولا يمنح الطهارة)!.
الجامعة العربية كانت وخلال السنوات الأربعة الماضية بعيدة كل البعد عن مأساة الشعب العراقي، وكانت غير مكترثة بمعاناته ولم تهتم بنزيفه الدموي أو الدمار الذي حلّ به بعد سقوط الصنم وما قام به اتباعه من الصداميين والتكفيريين من ارتكاب ابشع الجرائم التي يمكن وصفها بحرب ابادة ضدها الشعب العربي المسلم.الجامعة العربية..لم تتحرك خطوة واحدة باتجاه الشعب العراقي، ولم تلزم أعضاءها بكف أذاهم الذي الحقوه بهذا الشعب، بل كانت متفرجة غير مبالية وفي كثير من الاحيان كانت شامتة.
وما نقصده بالجامعة العربية ليس مؤسستها الادارية التي يقودها(عمرو موسى)، لكن ما نعنيه هو جميع الأنظمة الممثلة فيها، فهذه الأنظمة كان أملنا بها ضعيفاً لسببين: الأول أن الأنظمة العربية-بمعظمها-وقفت ومنذ سقوط صنم صدام بالضد من الشعب العراقي على الرغم من أن صدام كان قد دخل مع بعضها في حروب وأخرى في نزاعات سياسية عدائية أو تآمر عليها، أو تدخل في شؤونها، ويمكن الجزم بأن صدام قد مدّ اصابعه الشريرة في كل بلد عربي، وزرع فتنه في كل عاصمة عربية، ولم يكن المشرق العربي وحده من تعرض الى مؤامرات صدام أو تدخلاته في شأنه الداخلي، بل أن صدام ومخابراته وأمواله وصلت الى أقصى المغرب العربي واستطاع أن يخلق فتن ونزاعات بين ابناء البلد الواحد وبين البلدان العربية وحكوماتها ايضاً.ومع ذلك، فما أن سقط صدام حتى تضامن كل الحكام العرب ليس بقصد معاونة الشعب العراقي المظلوم، بل من أجل اعادة الظلم الى الحكم مرة أخرى ان كان بصدام أو بغيره.
ففتحوا الحدود للعصابات التكفيرية الارهابية، واغرقوا الأموال على الصداميين القتلة، واحتضنوا اعتى المجرمين الصداميين ووفروا لهم(الملاذات الآمنة)..وفتحوا أبواب فضائياتهم لكل اعداد الشعب العراقي وقتلته، وقاموا بأكبر حملة تضليل يشهدها التاريخ الحديث وهي تحويل الضحية الى قاتل والمجرم الى ضحية!!.هؤلاء هم الحكام العرب الممثلون في جامعة (عمرو موسى) ماذا ننتظر منهم وقد أفزعهم سقوط طاغية مثل الكثير منهم؟ هل نتوقع منهم غير موقف العداء والحرب على تجربة العراق الجديد التي عدلت المعادلة الظالمة في هذا البلد؟
لنعود الى اجتماع الجامعة العربية الأخير وتوصياته، فهو دعا مجلس الأمن الى اصدار قرار جديد بشروط وضعوها لذلك ونرى أن هذه التوصية وحدها تعد خرقاً لميثاق الجامعة نفسها والتي لا تبيح لأي كان أن يتدخل بالشأن الداخلي لبلد غير بلده..ثم ان هذه التوصية تعد تجاوزاً على الحكومة العراقية وانتهاكاً لشرعيتها فالحكومة العراقية هي المسؤولة عن تدبير سياسة العراق، ولا يحق لغيرها أن ينازعها هذا الحق..ومسألة بقاء أو جدولة رحيل القوات متعددة الجنسية هي اساساً بيد الحكومة العراقية وتملك تقرير ما تراه بشأنها..فلماذا يعمد(الاخوة العرب) على اعطاء هذا الحق الى مجلس الأمن وإدخاله في دهاليز السياسة الدولية التي تضيع فيها كل جمال الصحارى العربية!!.
وجاء في بعض التوصيات الفجة الى مراجعة الدستور!! تصوروا أن (جامعة عمرو موسى) لا تعترف بارادة الشعب العراقي ولا تقيم وزناً للاستفتاء على الدستور الذي اجازه اكثر من 70% من ابناء العراق!. وكذلك طالبت أحدى توصيات وزراء الخارجية العرب وعلى لسان عمرو موسى بالغاء قانون اجتثاث البعث!! وتكافؤ الفرص في الوظائف بالدولة العراقية وما الى غير ذلك من الترهات التي تعد انتهاكاً لشرعية حكومة الوحدة الوطنية المنتخبة والتي تضم جميع-وليس معظمهم-اطياف الشعب العراقي.وعليه، فإن كل ما ينبغي أن يقال بجامعة عمرو موسى أنها جامعة للفرقة، وادق ما يوصف به قراراتها بأنها(ثرثرة فوق النيل) لا أكثر ولا أقل.
https://telegram.me/buratha
