المقالات

تعويض الدافن وتأبين المدفون .......


بقلم حافظ آل بشارة

كلما مر يوم 16/5 اشترك خطباء السياسة وخطباء الاعلام والشعراء وهواة التصريحات في احياء ما يسمى باليوم الوطني للمقابر الجماعية ، اساليب باردة وتقليدية ومملة في احياء هذا اليوم الحزين ، هناك 400 الف دفين من رجال ونساء واطفال العراق ، بعضهم دفن حيا ، امرأة تحتضن طفلها ، طفلة تحتضن دميتها ، الطفلة تآكلت والدمية سالمة ، احصائية الامم المتحدة تقول ان المقابر الجماعية في العراق فاقت في حجمها جرائم الابادة (هولوكوست) النازية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، تم اكتشاف اول مقبرة جماعية في محافظة بابل في هذا اليوم بعد 37 يوما من سقوط نظام صدام سنة 2003 ، المؤسسات الثقافية كوزارة الثقافة وشبكة الاعلام ووزارة حقوق الانسان كلها معنية بالمقابر الجماعية ، لم يتم حتى الآن تخليد هذه الجريمة الكبرى بشكل ينسجم مع عظمتها ، اذا كان العراق قد انتقل فعلا الى عهد جديد فيجب وضع ضمانات لعدم عودة الدكتاتورية وجرائمها ، احد تلك الضمانات تأسيس تيار ثقافي يحارب نهج النظام السابق وثقافته واساليبه في التعامل مع الشعب والمعارضين بكل هذه الوحشية ، وتوضيح طريقته الخطيرة في فهم السلطة على انها امتياز وكل الوسائل متاحة للاحتفاظ بها ، الهمجية ليست ثقافة صدام وحده بل كانت ثقافة السلطة بدوائرها السياسية والعسكرية والحزبية ، لذا لا يمكن ان تنتهي هذه الثقافة باعدام الطاغية كفرد او عدد من أزلامه ، لا بد من تفكيك المؤسسات التي كانت ادوات لتنفيذ الابادة ، يوم المقابر الجماعية مناسبة للتذكير بمحاكمة المجرمين ، ومحاكمة كل من يسعى لانقاذهم من السجون بالتهريب او المطالبات الرسمية ، ومطاردة الهاربين منهم في خارج العراق باستخدام القوانين الدولية ، وتقوية سلطة القضاء وتركها تعمل بدون تدخل . ثم تعويض ذوي الضحايا الذين مازال اغلبهم بلا تعويض لأن الدولة منشغلة بتشريعات لمنح رموز النظام السابق رواتب تقاعدية ! بعض كبار المجرمين اطلق سراحهم وسط صمت جميع الاطراف ، مطلوبون آخرون تم زجهم في الحكومة الحالية في مواقع خطيرة ، في ممرات بعض وزارات حكومة الوحدة الوطنية يحتفلون علنا بذكرى تأسيس حزب البعث او ميلاد الطاغية ، ملفات عجيبة عن سرقة تخصيصات تعويض لذوي المقابر الجماعية ، السارقون والسارقات هم فلول عائدون الى السلطة وبعضهم مطلوب بالاسم ومشمول بالمسائلة ! صناع المقابر الجماعية يتربعون على كراسي السلطة في اكثر من وزارة وهيئة ، يضحكون سرا او علنا من احياء يوم للمقابر الجماعية ، ربما هم انفسهم يشجعون الاحتفال بمثل هذا اليوم ويشاركون في التباكي للتغطية وتخدير الضحايا بالوعود ليكتفوا بالخطابات الحكومية واللوحات التقديرية وشلالات الدموع الرسمية ، تحول شعار (تعويض الضحايا) الى نشيد ممل يردده الجميع ، الا ان خطأ بسيطا جدا جعل التعويضات تذهب الى الدافن بدل ان تذهب الى المدفون ، المهم ان تستمر الاحتفالات التأبينية وتخصيصاتها المالية .

19/5/517

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ام حسنين
2012-05-17
ذكر اكثر من مرة عن المال والجاه والبنون في كتابنا العزيز القرآن الكريم..تبين ان المال يلعب بالعقول خصوصا الذين لا ضمير لهم ٩سنوات مرت على سقوط الصنم واهالي الشهداء ينتظرون من يحي يوم ابنائهم من يكرمهم ويعوضهم عن فقد احبتهم بالكلمة الحلوة او رد الاعتبار ..قتلة شهداء المقابر الجماعية اليوم عادوا بمناصب كبيرة بدل ان يعلقوا بالمشانق تراهم بعربدتهم في البرلمان والحكومة...اتمنى من كل قلبي ان تحسوا بحرقة قلوبنا بفقد الاحبة انه السميع المجيب دعاء المظلوم قريب للّه سبحانه وتعالى
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك