المقالات

اِنتفاضة الكادحين


علي محمد البهادلي

أهم عنصر من عناصر التطور وعملية التنمية والاستثمار هو العنصر البشري، إذ بدون توفره لا يمكن التحدث لا عن إعمار ولا تنمية ولا استثمار، فهو العنصر الوحيد الذي يملك صفة الأصالة، ومن هذا تولي الدول المتقدمة أهمية كبيرة لهذا العنصر وتحيطه بمختلف العناية من الجانب الصحي إلى الجانب العلمي والمعرفي، ناهيك عن الحماية والضمان الاجتماعيين. وبما أن العمال والكادحين الذين تقع على عواتقهم مختلف الأعمال الشاقة من أسفل دركة في سلم مؤسسات الدولة إلى أعلاها، دون اتصافهم بالعمل الوظيفي رسمياً في مؤسسات الدولة، يشكلون الغالبية العظمى من العنصر البشري الذي يُعتمَد عليه كما أشرنا في عمليتي التنمية والإعمار، لذا ينبغي للدولة العراقية الحديثة أن تقوم برعاية هذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع العراقي، وأن توفر لها البيئة السليمة للعمل، فهم لم يشملوا برواتب الدولة وكل ما لديهم هو كسب قوت يومهم من كد أيديهم وعرق جبينهم وتعب كواهلهم، وهم يعملون في ظل ظروف مأساوية فلا صحة ولا أمان، والكل يعلم كم مرة فجرت أماكن(مساطر) تجمع العمال والأسواق التجارية ..إلخ فإلى أين يلتجئ هؤلاء الكادحون؟ ويا للأسف الشديد نحن في العراق عندنا نقابات مهنية! كنقابة المحامين ونقابة المعلمين ونقابة الأطباء، وهذا أمر إيجابي، على الرغم من أن أصحاب هذه المهن يمتهنون وظيفتين في آن واحد فترى أحدهم موظفاً (محامي في دائرة أو محكمة، معلم، طبيب) وبعد انتهاء الدوام الرسمي تجده يذهب إلى مكتبه حيث يمتهن المحامون تعقيب المعاملات و المعلمون الدروس الخصوصية ، وبينما يذهب الأطباء لعياداتهم الطبية الخاصة ، ومع ذلك تجد هناك من يطالب بحقوقهم وتحسين معيشتهم وضرورة توفير الحماية لهم، لكننا لم نسمع أن هناك نقابة في هذا البلد الأمين!!!!! تطالب بحقوق العمال ولا تحسين معيشتهم ولا توفير الحماية للأماكن التي يتجمهرون بها منتظرين رحمة الله تنزل عليهم! والكل يسمع أن الرسول الأكرم(ص) يقول: (( خير الكسب كسب يدي العامل)) فيا لها من مفارقة حقاً، بينما تجد في هذا البلد من يسعى لتطبيق مقولة(البس قاطاً شهراً تصبح مديراً) لتتمتع بصلاحيات وتركب أحدث السيارات لمجرد ارتدائك البزة الرسمية، وأنت لم تقدم أي شيء يذكر عدا (جرة القلم) لأنك مدير!! ترى في الجانب الآخر صورة مشرقة، على الرغم من مشاعر الألم التي تستحوذ على شعورك عندما تتصورها، وهي صورة ذلك الإنسان الذي يطبق ما يروى عن داود النبي، إذ مر بإسكاف: ((يا هذا اعمل وكُلْ، فإن الله يحب من يعمل ويأكل، ولا يحب من يأكل ولا يعمل)) فمشاعر الألم التي تستحوذ علينا ناتجة من الظروف المأساوية التي ترافق العمال أثناء عملهم، حيث الشمس المحرقة في الصيف، والبرد القارس في الشتاء والتهديد الأمني لأماكن تجمهرهم وانعدام الضمان الاجتماعي والأجر الزهيد الذي يتقاضونه الذي لا يكفي لسد رمق عوائلهم، فضلاً عن أن يوفر لهم العيش الكريم والبيئة الصحية والمستقبل السعيد لعوائلهم، فهل فكر أعضاء مجلس النواب بمناقشة وضع العمال ووضع عوائلهم، أم أن وضع امتيازات النواب سيكون هو المقدم في كل بدء ومختوم به الكلم! فإلى كل المسؤولين الشرفاء نناشدكم باسم الإسلام العظيم وباسم النبي الكريم وباسم علي أبي الفقراء والمعدمين، نناشدكم بتحسين أوضاع العمال الكادحين، وتوفير الضمان الاجتماعي لهم، وتخصيص رواتب تقاعدية لعوائل الشهداء الذين ذهبت أرواحهم إلى بارئها مفارقة الأحباب ومخلفة عشرات الأيتام، وإلا تفعلوا فاحذروا صولة الحليم إذا غضب، فصبر العراقيين قد بلغ الزبى، وانتظروا ثورة كثورة صاحب الزنج، تطيح بكل الذين رفعهم هؤلاء المساكين إلى المناصب العليا في البلد، وحينها يدرك المسؤولون أن لات ساعة مندم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك