المقالات

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى


السيد حسين السيد محمد هادي الصدر

تفضّيل ( الخنثى ) على الذكر والأنثى

في غمرة المعاناة التي يعيشها أصحاب الحاجات لا تعدم أنْ تجد بعضهم يبحث وينقّب عن وسيلة يلجأ اليها مستعينا بها لقضاء حاجته .وهذا أمر دأب عليه الناس في عموم الأقطار والأعصار على أختلاف ألوانهم وأديانهم .انهم يبحثون عن الشخصية النافذة ذات المكانه العالية التي تستطيع التدخل لحسم قضيتهم ايجابياً وهذا ما يُطلق عليه عندنا ( الواسطة ) .وبالفعل يستجيب الكثير من أصحاب المواقع المهمة والمناصب الخطيرة ، لتلك الشخصيات المؤثرة وينجزون لهم ما يطلبونه .انّ اصحاب الجاه ، والمكانة المتميزة ، والرأي المسموع على ضربين الأول : من يسخو بجاهه ولا يبخل على أحد ببذل مساعيه لأنجاح ما يريد وهؤلاء هم أصحاب النُبل والنزعة الانسانية الحميدة .....الثاني :الفار من المعروف والاحسان فراره من الجراثيم ....وهؤلاء هم المتكلسون الذين لا يبالون بمعاناة غيرهم ، مهما كانت الأحوال .ان البخل بالجاه لا يقل بشاعة عن البخل في المال هذان الضربان معروفان ، وهما نمطان مألوفان في كل زمان ومكان والى جانب هذين النمطين ، تلمح أحياناً بعض النماذج اللعوبة الكذوبه التي لا ترفض صراحةً مطالب الذين يدعونها للتدخل في حلّ قضاياهم ، ولكنها في الحقيقة لا تتعاطى معهم الا بغش واحتيال .انها تديف السم بالعسل وانها تفضل ( الخنثى ) على الذكر والانثى .وهذا النمط يلحق بالقسم الثاني الباخل بجاهه على غيره ، ولكْن مع لؤم واحتيال وقلّة مبالاة في القيل والقال .انهم يتظاهرون بالتفاعل الايجابي مع طلبات المحتاجين ويتسترون على حقيقة مواقفهم ، فاذا انكشفتْ ،لجأوا الى بارد الأعذار وكاذب العلل والأسرار ....!!!!والغريب ان التاريخ سجّل أمثال هذه المواقف على أسماء لامعة ،لها وزنها ومكانتها السامية في دنيا الأدب والمعرفة والثقافة ..!!ومن اولئك النفر : ابو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ صاحب كتاب البيان والتبيين الذي سأله بعضهم كتاباً الى بعض أصحابه بالوصية به فكتب له رقعةً وختمها فلما خرج الرجل من عنده فضها فاذا فيها :{ كتابي اليك مع من لا أعرفه ولا أوجب حقه فان قضيتَ حاجتَه لم أحمدك وان رددتَه لم أذمك فرجع الرجل اليه ، فقال الجاحظ :كأنك فضضتَ الورقة ؟قال :نعم قال :لا يضيرك ما فيها ، فانه علامةٌ لي اذا أردت العناية بشخص .فقال الرجل :قطع الله يديك ورجليك ولعنك فقال الجاحظ :ما هذا ؟قال :علامة لي اذا أردتُ أنْ اشكر شخصاً } والسؤال الآن :هل كان الجاحظ يصطنع هذه القضايا ،ليدخل مفردة جديدة من مفردات القضايا الغربية التي يسوقها ضمن نوادره وملحه وطرائفه ؟أم أنه كان يضن على الناس حقيقةً بمعروفه واحسانه ويستسيغ الحيل والاكاذيب ؟الاحتمال الأول هو الارجح عندي وهو الأقرب الى طبيعة الأشياء ولقد جرّبنا " الجاحظ " في حديثه عن نفسه فقد روى انه كان على باب داره فجاءته امراةٌ قائلةً :{ لي اليك حاجة ،وأريد أن تمشي معي ،فقمتُ معها ، الى ان أتتْ بي الى صائغ يهودي وقالت له :مثل هذا وانصرفتْ فسألتُ الصائغ عن قولها فقال :انها أتت اليّ بفص ، وأمرتني أن أنقش لها عليه صورة شيطان ، فقلتُ لها :ستي ما رأيتُ الشيطان ، فأتتْ بكَ وقالتَ ما سمعتَ }ولقد قيل في ترجمته انه كان :{ ميالاً الى الملح واللطائف ، والنكت والطرائف ،والتندر والعبث ، والسخرية والهزء لا يبالي ان يدّون النكته وان يرويها ولو كان فيها ما يتناول سمته ، ويمس جلاله ويأخذ من حلى وقاره } ومن المشاهير الذين ضنوا بمعروفهم على الناس خالد بن صفوان ، الخطيب البليغ الشهير فقد كان يقول :أربعة لا يُطمع فيهن عندي الفرضوالقرضوالهرس وأن أسعى مع أحد في حاجة وهو بتخليه عن ذلك يسجل على نفسه السلبية المقيته وفي الأمثال :{ إمّا (نعم ) مُرْبِحة أو (لا) مُرِيحة }وعامة أصحاب المواقع المهمة اليوم يتحاشون اللقاء بالناس وبالتالي غابت (نعم) المريحة واختلفت (لا) المريحة،حيث لا ربح ولا راحة للمستضعفين والبائسين والفقراء في الساحة

حســـين الصـــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
قاسم بلشان التميمي
2012-02-20
سيدنا الجليل مقالك رائع واحسنتم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك