المقالات

مازال الحسين يدعو الى الاصلاح

1692 05:06:00 2007-01-31

( بقلم : حسين ابو سعود )

الحسين بن علي عليه السلام هو سبط الرسول صلى الله عليه وآله وريحانته في الدنيا وسيد شباب اهل الجنة في الاخرة ، ومع ذلك فقد عاش مظلوما ومات مظلوما وبقي مظلوما الى يومنا هذا بسبب ما تعرض له من افراط وتفريط ، ومن مظاهر مظلوميته في حياته هو معاصرته للفتن والحروب التي اودت بحياة ثلاثة من الخلفاء الراشدين واثنين من ( العشرة المبشرة) حتى جئ به الى كربلاء بدعوات من وجوه الكوفة ، واذا عزى المتخصصون المظلومية الى الطريقة البشعة التي قُتل بها واصحابه واهل بيته حتى لم يسلم الطفل الرضيع من وحشية القوم فذبحوه من الوريد الى الوريد بسهم اطلقه الشقي حرملة بن كاهل ، فانا اعزي المظلومية الى جهل القوم بحقه ومقامه الى درجة ان يتجرأ احدهم عندما رأى اصحاب الحسين يضرمون النار في خندق حفروه من الجهة الخلفية للمخيم لاتقاء حملات القوم من الخلف لا سيما ان عددهم كان قليلا جدا مقارنة مع العدو وهو عبد الله بن حوزة فيقول : أتعجلت بالنار يا حسين ؟ فكيف قال الرجل ما قاله وهل كان يعني ما يقول ام كان يدلس ؟ ، وهل كان هذا النمط من التفكير هو السائد على عقول جيش ابن زياد في ذلك الزمان ؟.

لقد خرج الحسين كما صرح بنفسه للاصلاح في امة جده عليه الصلاة والسلام وانه لم يخرج أشرا ولا بطرا ، والاصلاح هو خط الانبياء كما يصرح القران في قوله تعالى على لسان شعيب النبي : ( ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب . هود /88) ، وقد جعل الله الخير في الاصلاح كما في قوله تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما. النساء /114).

وقد أتى الله تعالى المصلحين ولا سيما الامام الحسين عليه السلام أجره في الدنيا والاخرة ، وهو الذي قال ) والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة انا لا نضيع أجر المصلحين . الاعراف 170)، واما اجره في الدنيا فبعض مصاديقه هو تشريفه بالذكر الدائم منذ 1400 سنة وقبره بات مهوى لافئدة المسلمين ووصلت راياته الى مشارق الارض ومغاربها بدون استعمال سيف ولا اراقة دماء ، اذ لا توجد قارة على وجه الارض لا يذكر فيها الحسين واصحابه في كل عام ، واما في الاخرة فلا نعلم ما أعد الله له من قرة أعين على ان القران اعتبر الشهداء الذين يقتلون في سبيل الله احياء عند ربهم يرزقون والحسين فخر الشهداء وسيدهم بلا منازع .

وهذه منابر الحسين تنشر الثقافة والعلم والدين والعرفان والادب والتربية والاخلاق والمعرفة والتاريخ واستثني منها المنابر الطائفية الضيقة التي تسئ اكثر مما تفيد ، وايما منبر لا يدعوالى الاصلاح لا ينتمي الى الحسين عليه السلام ، ومن الخطأ التصور بان الشيعة ينفردون باحياء هذه الذكرى ، فالسنة ايضا يحتفلون ويحيون هذه المناسبة ولكن بطريقتهم الخاصة ، وحتى المغالون في التطرف يذكرون الحسين فيقولون لقد قتل سيدنا يزيد سيدنا الحسين ( فرضي الله عنهما جميعا)، مع ان عكس الاصلاح هو الافساد ويقابل المصلح من الجهة الاخرى المفسد كما في قوله تعالى ) والله يعلم المفسد من المصلح . البقرة/220) فالحسين اذن اسم مبارك اجراه الله تعالى على كل لسان واراد له الخلود ، والا كيف ترتفع ملايين الرايات في مختلف انحاء العالم مقابل راية واحدة سقطت من حاملها يوم كربلاء ، وما هذا الطعام والشراب الذي يبذل بالاطنان منذ 1400 سنة مقابل جوع وعطش عدة ايام ، وكيف ارتفعت القبة الشامخة والمنائر الذهبية مقابل خيام بالية احترقت في يوم العاشر من محرم فذهبت مع الريح وقام مقامها هذا العز و هذه الكرامة وهذاالذكر المستمر بمختلف لغات العالم .

فالحسين هو الداعي المطلق للاصلاح وهوابن سيد الاصلاح علي بن ابي طالب عليه السلام الذي عاش في كنف الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه تسكنه روح الصلح والاصلاح، وكان مثالا للتعامل الراقي معهم وبذل المشورة لهم بكل اخلاص ويتجلى كل هذا بوضوح في ارساله الحسن والحسين للدفاع عن الخليفة عثمان بن عفان (رض) حتى لا تكون قتل الرؤساء سنة بين الناس ، وهو أخ الامام الحسن الذي قال عنه الرسول الاكرم انه سيد ويصلح الله به بين فئتين من المسلمين ، و دخل فعلا في الصلح مع معاوية وحقن دماء المسلمين .

والحسين عليه السلام في كربلاء لم يبدأ القوم بقتال بل طلب منهم لاتمام الحجة ان يدعوه يرجع من حيث أتى ، كما انه طلب من اصحابه ان يتفرقوا عنه ويتخذوا الليل جملا لان القوم يريدونه شخصيا .

وعليه فان المرحلة الراهنة التي تمر بها الامة يتطلب من جميع المسلمين الاستفادة من رسالة الاصلاح الحسينية كي لا تضيع تضحياته الجسام سدى ، فالحسين المصلح باق ما بقي الدهر وما ابقى الله ذكره الا لينير الدرب للتائهين ويستفيد منه الناس في مختلف العصور ، على ان خط الفتنة والخراب والافساد الذي يقف قبالة خط الاصلاح لن ينتهي بل سيزيد شراسة كلما التف المسلمون حول الحسين ، ولكن هذا الخط الاقوى (ظاهرا) ليس الابقى على ارض الواقع والا فأين قتلة الانبياء والاولياء والمصلحين ؟ أين قتلة الحسن والحسين ؟ ، وان التضحية من اجل الاخرين هو قدر الانبياء والائمة وتبقى علينا كيفية الاستفادة من هذا القربان العظيم والتضحية الكبرى التي قُدمت على طريق الانبياء ، طريق الاصلاح ، وما احوجنا ان نستفيد من ثورة الامام الحسين فيالصلاح و الصلح والاصلاح والله لا يضيع أجر المصلحين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك