المقالات

زيارة الأربعين أذهلت العقول وحيّرت القلوب


خضير العواد

لقد قفزت هذه الزيارة على كل شئ طبيعي وماعتاد عليه الناس فقد جمعت المتناقضات وأوضحت المعقول وحققت اللامعقول وهذبت النفوس ووسعت الصدور وأرقت القلوب ونشرت كل فضيلة عرفتها الأنسانية وغيّبت كل رذيلة يريد لها الشيطان الظهور, فصهرت الشعوب وجمعت القبائل والعشائر ووحدت مابين الدول والمدن فجعلتهم كعائلة واحدة بجميع أفرادها من الشيخ الكبير والمرأة العجوز والطفل الرضيع والشاب والشابة والسليم والسقيم يسيرون بطريق الشهادة والكرامة الذي عبّده لهم سيد الشهداء وكريم الكرماء أبا عبد الله الحسين (ع) , هذا الطريق الذي لا يجوع ولايعطش فيه إنسان بل يأكل ما يتمناه من حلو الطعام والشراب فالسفرة ممدودة بما لذة وطاب من البصرة الى كربلاء ومن الموصل الى الطف وكل ما تأكل أو تشرب مدفوع الحساب من المذبوح عطشان (ع) , والمنام جاهز في أفضل الأماكن المتوفرة فيها كل وسائل الراحة مع الخدمة المتواصلة بدون كلل أو ملل بل ألزائر يكون متفضلاً حين يسأل السؤأل , وإذا شعرت بالتعب فالمساج والتدليك ينتظرك بكل تواضع ومحبة ومن يكون المدلك لا تعرف جائز يكون عالم رباني او وجيه في قومه أو مسؤول كبير أو متسولٍ فقيرالجميع يريد خدمة خدام الحسين (ع) , عندما تسير معهم تلاحظ الشيخ الكبير المحدودب الظهر حتى الأرض والعجوز التي تمشي بدون إتزان وحينما تسئلها من أين قادمة يكون الجواب من البصرة (460 كيلو متر عن كربلاء) يابني وهي التي كانت لا تقدر أن تسير خطوتين والفاقد الرجلين يزحف بدون مشقةٍ أو تعب والشباب والشابات والأطفال وحتى الحوامل والرضع , وكل وسائل الخدمة قد أحضرت الى الطريق للقيام بالواجب المرجوّ منه الجنان فالعيادات الطبية والصيدليات ومراكز التدليك والمخابز والأفران وموزعي كارتات التلفون ومصلحي الأحذية ( لقندرجي) وكل ما خطر ببالك من أمور خدمية تراها على الطريق , في النهار يسيرون وفي الليل ينامون وللصلاة يقيمون , كل فرد فيهم أخوك واختك وأبوك وأمك جميعهم في المحنة يشتركون وفي السراء يضحكون والى أبي عبد الله (ع) يتوجهون , جميعهم لا يعرف الكلل والتعب والملل وحتى أصحاب الأمراض يصبحوا أصحّاء , ايُ حبٍ هذا واي علاقة تربط هذه الجموع بهذا المولى الغريب الذي من أجله تترك المدن فارغ والأملاك خاوية وليس هناك من عزيز إلا الخدمة في هذا الطريق فإنها العزةُ الحقيقة والهدف الأسمى , فزيارة الأربعين جعلت الأعزاء يذلّلون أنفسهم من أجل الثواب والأذلاء أصبحوا أعزاء بخدمتهم لزّوار والجميع كرماء لأنهم جمعاً يعطون ويهبون فتختلط عليك الأوراق أيهم الغني فقد جعلهم سيد الشهداء جميعاً أغنياء ومن هو الوضيع فأصبحوا جميعاً سادة , فهذا هو الأسلام يسير معهم أين ما يذهبون ويطبقونه ولا يتضجرون فالكبير يعطف على الصغير والصغير يحترم الكبير والجميع يساعد بعضه بعضا , رغم الحقد والنّصب والعداء وزرع القتل بكل أنواعه في العراء من قبل أعداء أهل البيت (ع) ولكنهم يعطون القرابين ولا يبخلون فطريقنا يحتاج الى الإرواء وأفضل السوائل لأروائه الدماء فقد عبّد الموالين هذا الطريق من مئات السنين بالدماء فأوصلوه لنا معبّداً وسهل المسير حتى يقودنا للجنان فهنيأً للماضين وتمتعوا بسيركم أيها الحاضرون , فكان السير بالماضي أفراداً وأصبح اليوم بالملايين ويتحدثون بمختلف اللغات وهذا مصداق قول الله سبحانه وتعالى (يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولوكره الكافرون) وقول رسول الله (ص)(أن لقتل الحسين حرارةٌ في قلوب المؤمنين لن تبرد أبدا) فأصبحت زيارة الأربعيين قبلة الأنظار في العالم أجمع والحدث الأكبر والأروع والأغرب في دنيا اليوم وليس هناك شبيه أو أقرب , وهكذا أرادوا بقتل الحسين (ع) مع أتباعه في صحراء كربلاء لكي يخفوا جريمتهم تحت رمال الغاضرية ولكن لم يعرفوا ولم يؤمنوا أن الله كان شاهداً عليهم فأظهر شهادته للدنيا بأسرها وهكذا أصبح أبا الأحرار قبلةً لكل الإنسانية في العالم ويجسد هذا الكلام قول الكاتب المسيحي أنطوان بارا (ما أجدر بالبشرية اليوم أن تتجه الى قبة الحسين كي لا تضل ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هيثم
2012-01-13
نحن اصحاب الفقد الكبير في إمامنا وديننا.. نبكي فجيعتنا فيما اقترفت تلك الامة بحق نبيها صلى الله عليه وآله في انتهاكها حرمته وردوا اجر المودة بالمقتلة. شرفي وكرامتي وانسانيتي وصحتي وسلامة منهجي ونقاوة ضميري وأمني وأماني الروحي منحنيها وهداني اليها سيدي والفادي الاكبر وكبش الله الاكرم الحسين، فهل من معين لي على التعبير عن امتناني لكل ذلك الكرم الذي لا يُحصر؟ عظم الله تعالى اجوركم يا شيعة محمد بمصابه وآله صلوات الله تعالى عليهم.
ام علي
2012-01-12
حبيبي ياحسين نور عيني ياحسين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك