المقالات

مثلث الازمة


جواد العطار

تتخذ الازمة السياسية في العراق نمطا مختلفا يسلك فيه السياسيين من مسؤولين وبرلمانيين مسارات عجيبة بعيدة كل البعد عن قواعد البروتوكول التي تفضي الى التقارب والتحالف او الانفراط والتباعد بين حكومة ومعارضة دون الخلط بينهما ، لكن ما نشهده اليوم هو اللجوء الى المناورة التي تتخذ اشكالا غريبة تتقلب في اليوم الواحد؛ وتنقلب؛ اكثر من مرة ، لتديم اجواء الخلاف والازمة والتداخل المؤسسي؛ فلا نعرف من مع الحكومة ... ومن مع المعارضة . وبعد يئس من الحلول على المستوى الثنائي بين الكتل السياسية ، اتجهت القيادات الى الاجتماعات المشتركة مثل اجتماع اربيل لكنه اصبح بحد ذاته موضع خلاف لا اتفاق ، وتلته بادرة اجتماعات قيادات الكتل السياسية التي انطلقت قبل ثلاثة اشهر برعاية رئيس الجمهورية لاختزال اطراف الازمة ، لكن حتى هذه الاجتماعات التي تعقد بين فترة واخرى اصبحت مثار جدل وتساؤلات كثيرة منها : كيف يجلس الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة دون الخروج بمشتركات تنهي مسألة افتراقهم ؟ بل كيف يتم الاتفاق على ملفات وترك ملفات شائكة اخرى دون مراجعة رغم تكرار عقد الاجتماعات ؟ او ما هي النتائج الملموسة التي خرجت بها هذه الاجتماعات وصبت في مشروع انهاء الازمة السياسية ؟ .ان جلوس الفرقاء على طاولة الحوار امر مشروع ولا يختلف عليه احد ، لكن ما هو غير مقبول جلوس ذات الفرقاء لاكثر من مرة دون الخروج بنتائج عملية تصب في مصلحة انهاء الازمة السياسية وانعكاساتها السلبية على مجمل الاوضاع العامة ... اما كيف يشكل الفرقاء حكومة ويجلسون على طاولة واحدة وندعوهم فرقاء؛ فان هذا تساؤل لن يجيب عنه سوى السياسيين انفسهم !!! . ان ما يثير الحيرة ليس التساؤلات اعلاه فحسب بل اجتماعات الكتل السياسية ايضا؛ التي كانت على ما يبدو من اجل مسائل معينة استلزمت موافقة كافة الكتل عليها ، ومنها الاجتماع الاخير الذي عقد مباشرة بعد عودة رئيس الجمهورية من الولايات المتحدة واستجابة الكتل السياسية السريعة لانعقاده بل والاتفاق على مضامينه المتعلقة ببقاء المدربين الامريكان دون غيرها من القضايا الخلافية . ما يؤشر على ذلك الاجتماع؛ انه جاء استجابة لرغبة خارجية باقرار ملف بقاء المدربين وموضوع حصانتهم ... لترتسم علامات الاستفهام مرة اخرى عندما نرى كتلنا السياسية؛ التي وصلت الى ما وصلت اليه باصوات الجماهير؛ تستجيب لفعل خارجي بردة فعل تنتج قرار واتفاق ، بينما تبقي الفعل الداخلي معلقا لاكثر من عام ونصف ولا تستجيب له بفعل سريع او مبادرة حقيقية على الاقل انتصارا لمعاناة المواطن المتزامنة مع تدهور الوضع الامني ، فتسمي مثلا مرشحين للوزارات الامنية الشاغرة او تغطي جزءا من الملف الخدمي المتعثر او حتى تنهي الخلافات الدائرة فيما بينها . طبعا لم يتحقق كل ذلك ولن يتحقق لسبب بسيط ، ان الفرز اليوم لا طائفيا ولا محاصصاتيا بل اصبح هرميا ، وبالشكل التالي :• مرجعيات دينية نفضت يدها من السياسيين ، حينما اعلنت اغلاق ابوابها امامهم وامتنعت علانية عن استقبالهم .• حكومة عاجزة تعصف بها تناحرات الكتل السياسية ، حسب وصف رئيس الوزراء نفسه .• شعب مغلوب على امره ، فقد الثقة بالسياسيين وامكانياتهم في تغيير حاله الى وضع افضل . هذا المثلث بدأت اضلاعه تتباعد بشكل كبير بما يفصح عن حقيقة لا محال واقعة ، وهي ان الانتخابات القادمة ستفرز خارطة مغايرة تماما لما هو موجود اليوم ، وان الكتل البرلمانية والقيادات العاملة على الساحة السياسية مدعوة اكثر من السابق للتفكير بجدية بهذا الامر ، لان الوضع جد خطير ليس على الواقع الحالي فحسب؛ بل على مستقبل البلد والعملية السياسية والديمقراطية على حد سواء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2011-10-19
على الدكتور علاوي التخلي عن البعث لانه سوف يغدر به كما فعل في الانقلابات السابقة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك