المقالات

العراقيون...بين مخلفات عهد الاستبداد وتحديات عهد الحريات


الكاتب :عمار احمد

التجربة المريرة جدا التي عاشها العراقيون طيلة عقود من الزمن في ظل التسلط والديكتاتورية والاستبداد، جعلتهم يميزون ويفرقون بين الصالح والطالح من الحكام والمسؤولين بسهولة، ويفهمون الامور بحقيقتها الباطنة وليس من خلال ظواهرها الظاهرة.ومن ميزات الانظمة الديمقراطية الحقيقية الشفافية والوضوح في تداول المعلومات وايصالها الى الرأي العام عبر القنوات والمنابر السياسية والاعلامية المختلفة، وخصوصا تلك المعلومات التي ترتبط بمصالح المواطنين وشؤونهم اليومية العامة.وهذا مايفسر انخفاض معدلات الفساد الاداري والمالي في الدول والمجتمعات ذات الانظمة الديمقراطية مقارنة بالدول والمجتمعات ذات الانظمة الديكتاتورية والشمولية التي تفتقر الى القوانين والدساتير، وغالبا ما تكون محكومة بأمزجة ونزعات ونزوات حكامها والماسكين بزمام الامور فيها. وحتى اذا كانت هناك مظاهر وظواهر للفساد الاداري والمالي فأنه في ظل النظام الديمقراطي ، حيث تسود ثقافة حرية التعبير عن الرأي والرقابة البرلمانية وغير البرلمانية على اداء المؤسسات الحكومية الرسمية ، لابد ان تتكشف وتتوضح الحقائق، ويشخص الفاسد والمحتال والمتلاعب بالاموال العامة والمستغل لموقعه بصورة سيئة على حساب مصالح المواطنين، كبيرا كان ام صغيرا. ولامكان هنا للخداع والتضليل، لان حبله قصير، مهما طال امده.ومختلف الدراسات والاحصاءات والبحوث التي تجريها مؤسسات دولية متخصصة وحرفية يتضح ان الدول المحكومة بأنظمة ديكتاتورية او تلك التي غادرت الانظمة الديكتاتورية ومازالت تعيش تبعاتها ومخلفاتها هي الاكثر فسادا والاكثر تخلفا والاكثر امية والاكثر عنفا واضطرابا.. فالصومال وافغانستان ورواندا والعراق -مع كل الاسف- والسودان غالبا ما تتصدر ترتيب الدول في المسائل التي اشرنا اليها انفا مثل الفقر والفساد والامية والعنف. ولكن ما ينبغي التاكيد عليه ، حتى يكون الحديث منصفا وموضوعيا ان العراق اليوم يعد احد البلدان الذي يتميز بنظام ديمقراطي يتوفر على مساحة لابأس بها من حرية التعبير وتداول المعلومات، ولكن لان هذا النظام حديث العهد، ولم يتكامل وينضج بالقدر الكافي فأنه مازال يشهد ظواهر ومظاهر سلبية في مختلف الصعد والمفاصل والمستويات، ناهيك عن تركة منظومة السلطة البائدة، وهذا كله انعكس سلبا على المواطن العادي.وللاسف الشديد مازلنا في العراق نعاني من سياسات الخداع والتضليل التي تمارس على اعلى المستويات ومن قبل شخصيات حكومية كبيرة ومتنفذة، تقدم مصالحها الخاصة-الحزبية والشخصية-على المصالح الوطنية العامة، ولاتتحرج ولاتتورع ان تقلب الحقائق ، وتجعل من الصحيح خطأ ومن الخطأ صحيحا، وتضع كل مايطرح من ملاحظات ومؤاخذات وانتقادات موضوعية على اداءاتها في خانة المؤامرة والاجندات والمصالح السياسية الضيقة، بحيث انه حتى لو اشتكى عدد من المواطنين وطالبوا بأبسط حقوقهم يوضعون في موضع الاتهام بالسعي لاضعاف الدولة والتامر عليها.ان تصحيح المسارات والسياقات الخاطئة لايمكن ان يتحقق اذا لم نغادر تلك الثقافة التضليلية البائسة. والدولة لاتبنيها وتصلح اوضاعها التمنيات والامال العربضة ولا التصريحات والخطب الرنانة من على المنابر وشاشات التلفاز، ولا المنابزات والمزايدات الرخيصة.. ما يبنيها بناء صحيحا وسليما هو الارادة الحقيقية.. والنوايا الصادقة ونكران الذات والترفع عن صغائر الامور من اجل القضايا المهمة والكبرى التي تهم كل الناس دون استثناء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك