المقالات

مسلسل الحسن والحسين ... ازدواجية الآراء


بقلم : رياض البغدادي

شيئ جميل ان يتحمس الانسان الى نشر الافكار وتقبل النقاش في صحة الفرضيات أو عدمها ، والاجمل ان يكون هذا التحمس والاندفاع الى تقبل الرأي الآخر ووضعه على طاولة الحوار والنقاش بغض النظر في كونه رأيا موالفا او مخالفا اذا كان هذا التحمس صادرا عن محافل دينية كالحوزة الدينية الشيعية التي تفخر بأنها الجهة الدينية الوحيدة في العالم التي تركت الباب مفتوحا في الاجتهاد للاستمرار في تصحيح الافكار والآراء الفقهية في فهم الشريعة الصادرة عن الله تعالى ولم تضفِ قدسية على الآراء في قبال قدسية النص ، وكذلك هو حالها في فهم العقائد وحقيقتها ، تلك التي تعتبر من الثوابت في الثقافة الاسلامية ، حتى القرآن الكريم الذي لا يختلف المسلمون في صحة تنزيله عن البارئ تعالى ، كذلك هو خضع للنقاش ، ولو من باب نقض ادعاءات الخصوم ورد الشبهات ، كل هذا تجده في المذهب الشيعي الامامي الاثنى عشري وبدرجة اقل تجده في باقي مذاهب المسلمين ، لكن ، هل يبرر هذا ان نقف متفرجين على اساليب الخداع والتزوير التي يتبعها البعض بهدف التشويه والتزييف بدعوى انها آراء ؟!لم يختلف اثنان على ان الرسول الاكرم محمد بن عبد الله (ص) هو رجل صادق وشهد له جميع اهل عصره بالامانة وحسن السيرة والاخلاق ، فهل من الانصاف ان نتقبل طرح هلوسات مبنية على فرضيات ليس هناك أي وسيلة لاثباتها في ان النبي لم يكن يتحلى بتلك الصفات ؟ ومن دون دليل علمي بل مجرد سرد قصصي ليس له هدف غير التشويه والتزييف ؟اين تلك الادلة التي ناقشها الكاتب الكبير سلمان رشدي في كتابه المثير للجدل ( الآيات الشيطانية ) ؟ واين تفنيداته العلمية لما نقلته التواريخ بالتواتر والنقل الصحيح عن شخصية النبي محمد(ص) ؟ ام انها مجرد كلمات حلا لأعداء الاسلام نشرها والاحتفاء بها متنكرين للاساليب العلمية في تتبع هكذا امور والتي خطها عمالقة الفلسفة الإغريقية من امثال سقراط وارسطو والمناطقة والفلاسفة المتأخرون من امثال هيجل وبرناردشو وكانت ولومارتان وغيرهم الذين حفلت مكتبات الشرق بطروحاتهم في الفلسفة والمنطق وعلم الكلام التي تضع الاسس الصحيحة في الحوار ومناقشة الادلة والافكار.قطعا لو ان سلمان رشدي اتبع الاساليب العلمية في وضع ادعاءاته بخصوص الاسلام والنبي ، لما جوبه بفتوى القتل ، بل لقامت الهيئات العلمية في كل محافل المسلمين بمناقشة افكاره وتفنيدها بالاسلوب العلمي المتبع في الشرق والغرب ، بدلالة آلاف الكتب التي صدرت عن علماء ومستشرقين ناقشوا الديانة الاسلامية علميا وقد رُد عليهم بأسلوب علمي فند ادعاءاتهم وانتهت قضيتهم الى كتب مطبوعة يتدارسها المسلمون وغيرهم بكل رحابة صدر من دون فتوى قتل او حتى تعزير .اليوم يظهر علينا بعض المتمنطقين الجدد على صفحات الانترنت والصحف الصفراء بقضية مسلسل الحسن والحسين ليبثوا من خلالها مغالطالتهم بمقالات تثير السخرية والضحك لا لكونها مجانبة للعلم والمنطق حسب بل لانها تحتوي على تناقضات غريبة ، فأحدهم يدعي انه صاحب علم فذ أخذ على المسلمين انهم لا يقبلون الافكار التي تناقض افكارهم مستشهدا بالمسلسل الانف الذكر وقضية سلمان رشدي وفي نفس المقال يمتدح اليهود بأنهم كانوا ضحية الارهاب الاسلامي وتحجر علماء المسلمين من دون ان ينتقد اليهود والغرب على طريقتهم في مواجهة من يدلي برأيه في قضية الهولوكوست المدّعاة ! فهل يمكن الظن الحسن في مثل هذه الترهات ؟!خاصة وان قضية الرفض لمسلسل الحسن والحسين الصادرة عن الازهر الشريف جاءت بسبب مخالفتها لتأريخ صحيح ليس مورد جدال بين مذاهب المسلمين ، وهو نفس السبب الذي يتعلق به الغرب في معاقبة اصحاب الآراء التي يجادل اصحابها في حقيقة الهولوكوست ، اذن فالقضيتان تأريخيتان (مظلومية الحسن والحسين ومظلومية اليهود المدّعاة ) وقعتا في زمن مضى ، فما الذي يبرر قبول نكران المظلومية الاولى التي يتعمدها المسلسل وعدم قبول ولا حتى النقاش في المظلومية الثانية بل هناك عقوبات جزائية على من ينكرها ؟ اليوم في المانيا وهي من دون شك واحدة من الدول المتقدمة والرائدة في الديمقراطية ، قانونها الاساسي يمنع ويعاقب كل من يتجرأ على ذكر هتلر بخير ولا حتى ذكر منجز من منجزاته الكثيرة في الصناعة والتطور العمراني ومشاريع النقل وغيرها التي هي قائمة الى يومنا هذا ، وكذلك في ايطاليا وفرنسا توجد عقوبات جزائية مماثلة تتعقب كل من يمتدح موسوليني ورئيس فرنسا الموالي للاحتلال النازي ، هذه القوانين صادرة من انظمة ديمقراطية وقد صوتت عليها الشعوب على اعتبار ان هؤلاء المجرمين اهانوا اممهم وتسببوا بمعاناة لشعوبهم وخراب لم تـُمحَ اثاره الى هذا اليوم ، واصدار هذه القوانين اجراء احترازي يحصن هذه الامم من الوقوع في شرك الاجرام والخراب مرة اخرى ، وكذلك هو طي لصفحات تأريخية سوداء لا يريدون تكرارها .كل هذا يجري ونحن في القرن الواحد والعشرين وقد تقبل العالم هذه القوانين بكل رحابة صدر بل امتدحها وسوّقها الى جنوب افريقيا وكوسوفو والعراق بعد تغيير انظمتها الدكتاتورية كجزء من العدالة الانتقالية التي تعيد لتلك البلدان عافيتها وتمكنها من العودة الى المجتمع الدولي .فهل يتقبل العالم اليوم فلماً او مسلسلاً يمتدح هتلر او موسوليني او صدام ويتعمد تشويه الحقائق الثابتة في اجرامهم وجنايتهم بحق الشعوب ؟اذن لماذا يجب على المسلمين ان يتقبلوا افلاماً ومسلسلاتٍ تمتدح قتله ومجرمين من خلال تشويه الحقائق الثابتة لدى جميع اهل القبلة ؟!عُرضت الكثير من الافلام والمسلسلات التي تتحدث عن كتابة الوحي كمنقبة لمعاوية او تطور العلم والقدرة على ادارة بلاد واسعة كمنقبة من مناقب هارون الرشيد او القوة وصلابة الجأش في قيادة المعارك كمنقبة للحجاج الثقفي لكن لم يجرأ احد ان يلوي عنق الحقائق الثابتة ويزيف التأريخ لنكران اجرامية تلك الشخصيات وتجنيها على الاسلام ، وقد مرت تلك المسلسلات مرور الكرام ... لكن ان تتعمد جهات مشبوهة بتزييف الحقائق الثابتة كأدعاء البراءة لمعاوية وابنه يزيد او ادعاء المظلومية لهتلر وصدام وميلوسوفتش بدعوى حرية الرأي ، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه لا في العراق ولا في المانيا ولا في كوسوفو .فالقول المزيف والكاذب لا يرقى أن يكون رأيا ويبقى مُدّعيه مجرد كاتب مأجور .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
الدكتور شريف العراقي
2011-08-19
ماذا ينتظر من امة تاريخها مابعد الرسول (ص) اسود وواقعها مفاسد
لا ينفع الكلام
2011-08-18
السلفيين اصبحت اداة الاعلام بكاملها لهم فلا احد يتجرأ على اسكاتهم بينما تحذر قنواتنا من التعرض لاي موضوع خلافي لكي لاتتعرض للاغلاق من قبل اصحاب القمر واعني المصريين فسوف نرى مستقبلا مسلسلات تتعرض لشخصية الامام علي ع وتقدح بمكانته لكن الامر يتطلب تدرج بالطرح فمنذ بداية عرض هذا المسلسل والكثير من الجهلة العرب اخذوا يقدحون بشخصية امير المومنين لانهم يعتبروه مساهم بقتل عثمان الذي تستحي منه الملائكة لانه لم يقتص من قتلته وعندما يصل الامر لمقارنة مكانة عثمان مع علي ع فالكفة عندهم تميل الى عثمان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك