المقالات

حذف الاصفار بين الرفض والخيار


الدكتور مجيد الشرع اكاديمي

يطرح هذا الموضوع بين الحين والآخر وكأن البنك المركزي العراقي مقتنع تماما بصحة حذف الاصفار ولعل التبرير المنطقي هو ان يكون حجم التداول بالعملة يتماشى والتطور الاقتصادي فمثلا عندما نشأت المصارف وتطورت كان الهدف ان تجتمع الاموال في مؤسسة امينة وهي تكون مصدرا للتمويل والمعاملات الجارية بين الناس لا أن تترك الاموال عن طريق حملها من مكان لآخر من اجل الوفاء حيث تتعرض لمخاطر قد لايمكن تجنبها.

ولعل الموضوع يجرنا الى طروحات كثيرة ومتشعبة ولكنني سأ ركز على بعض النقاط المهمة في تغير قيمة النقود:

1-الاستقرار االنسبي:

نقصد بهذا المعنى ان تكون للعملة محل التعامل صورة نسبية من الاستقرار في سعرها عند نبادلها مع العملات الاخرى وهذا الامر يعتمد على السياسيتين النقدية والمالية في البلد والتي هي محل اهتمام البنك المركزي بالدرجة الاولى. ولهذا يرى بعض الكتاب ان تحديد سعر العملة يرتبط ارتباطا وثيقا بعدة عوامل من ابرزها معدل التضخم وتقلبات دورة الاعمال على مستوى الاقتصاد ككل ولكن هذين العاملين يحددهما في مجال تخفيض العملة اوتصعيدها عندما تكون عملة البلد مرتبطة بغطاء بعملة اخرى كما هو الحال بالنسبة للدينار العراقي فهو مرتبط بعملة الدولار كغطاء كما هو معلوم لذلك فان الصعوبة تكمن في حالة حذف الاصفار هي مواجهة عملات الدول الاخرى التي ترتبط بالدولار وما هو اثر التغيير ان حصل على تبادل الدينار العراقي بهذه العملات بيعا وشراءا.

2-الغطاء الدولي للعملة:

ان كافة العملات النقدية محل التداول في البلدان العربية ومنها العراق لابد ان يكون لها غطاء يضمنها وهذا الغطاء يحدد سقف تداول العملة وقد كان المتعارف عليه ضمن اجراءت صندوق النقد الدولي والتي وجدت ضمن مؤتمر بريتون وودز وهي مدينة امريكية سنة 1945 اشترك فيه مندبوا( 44) دولة ومن جملة توصيات هذا المؤتمر ربط الدولار بالذهب بسعر 35 دولارا للأونصة

(ولاونصة هي وحدة وزن انجليزية تزن حوالي (30) غراما، ومعنى ذلك من وجهة نظر محاسبية ان الدولار اصبح سيد الموقف حيث اصبحت امريكا متحكمة في هذا الصندوق وفي سياساته وقراراته بما يخدم مصالحها.

ومن خلال الربط مع موضوعنا نجد ان العملة العراقية المتداولة هي مرتبطة بغطاء الدولار كما اشرنا وبحقوق سحب معينة ولذا لا تكون لها قيمة حقيقية اذا زادت عن الحق المسموح به للاصدا ر.

ومن ناحية اخرى نجد ان الدولار تعرض وسيتعرض الى هزات اقتصادية ومنها الازمة المالية الحالية حيث بلغت ديون امريكا بحدود 14 ترليون دولار وهذا اشبه بالأزمة التي مرت بها اثناء حرب فيتنام حيث كان ابرزها العجز في ميزان المدفوعات ايضا حيث كانت التسوية باغراق دول العالم بالدولار الورقي والذي ليس له رصيد ذهبي ،مما جعل الدول ينتابها الشك بالدولار واخذت الدول تحول مخزوناتها من الدولارات الى ذهب.

ولابد لنا في هذا المجال ان نشير الى ان علماء المسلمين على مختلف مشاربهم اقروا ان النقود الشرعية هي الذهب والفضة ولا نقدية غيرهما، كما يستدل فريق آخر على حصر النقود بالذهب والفضة باشارات صريحة من القرآن الكريم مثل قوله تعالى:

" زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة سورة آل عمران الاية 14"

، وبالالتفات الى معنى الآية نجد ان الذهب والفضة ادوات تقدبر ولا يخرج التقدير عن معنى القياس وهو وظيفة مهمة للنقود المتداولة.

3-الأثار المترتبة على حذف الاصفار:

ان حذف الأصفار يعني في مدلوله ان تصبح ال /1000/ دينار قبل الحذف تساوي /1/ دينار بعد الحذف ويترتب على ذلك امور عدة من بينها الآتي:

1-العامل الداخلي: وهذا يتطلب ابدال جميع النقود العراقية المتداولة حاليا وهذا اجراء ليس من السهولة بمكان ويحتاج الى تهيئة نفسية وهذه التهيئة قد لا يتوفر لها القبول الاجتماعي في الوضع العراقي الراهن ومن خلال بعض المناقشات وطروحات يسألنا البعض هل ابدل ايداعاتي في البنوك حاليا لأجعلها بالدولار بدل من الدينار؟.

ويعني هذا التساؤل على بساطته لردة الفعل المتوقعة، كما يصاحب ذلك الالتزامات المتبادلة بين الناس وكيفية تسويتها خاصة اذا صادف ارتفاع وانخفاض سعر الدولار.

2- العامل الخارجي: كما هو معلوم ان العراق بلدا مستهلكا للغذاء والدواء وأن مشترياته تتم بعملة الدولار وبعض التسويات لازالت قائمة ولهذا تترتب بعض الاشكالات التي تتسع مناقشتها اذا ماغيرت العملة، ولذلك ينبعي على البنك المركزي قبل اشروع بحذف الاصفار دراسة البديل دراسة معمقة بحيث نتجاوز السلبيات التي مرت بها تبديل العملة السابقة وبذلك نقترح الآتي:

1-ابقاء العملة من فئات ال 25000 ،10000،5000 دينار على نفس لونها وشكلها ما عدا حذف الاصفار.

2- بقاء العملة فئة 250،500 دينار على نفس شكلها ولونها ما عدا كتابة مبلغ العملة الجديد,

ولكن هذه الامور وغيرها تتطلب من البنك المركزي التهيئة التامة لها مسبقا بحيث تتم الطباعة والتبديل في غضون مدة لا تتجاوز اياما معدودة، ولكنني ارى ويرى غيري هو التمهل في اصدار عملة جديدة لحين كسب الاستقرار الامني والسياسي ولذا يترجح الطرف الثاني من موضوعنا,

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك