المقالات

من التاريخ الى الجغرافية مواعيد عرقوب


السيد حسين الصدر

- 1 -(( عرقوب : رجل من العماليق ، أتاه أخوه يسأله فقال : أذا أطلعتْ هذه النخلة فلك طَلْعُها فأتاه للعِدَه ( أي حين أطلعتْ ) فقال :دعها حتى تصير بلحاً ،فلما أبلحْت قال :دعها حتى تصير رطباً ، فلما أرطبتْ قال :دعها حتى تصير تمراً ،فلّما أتمرت عمد اليها عرقوب فجزها ولم يُعط أخاهشيئاً ))هذا مثل يضرب لخلفِ الوعد قال الأعشى :وعدتَ وكان الخُلْف منكَ سجيّةً مواعيد عُرقوبٍ أخاه بيثربِ - 2 - المواعيد العرقوبية ، شائعة ذائعة ، في شتى الأمصار والأقطار ، ولا يختص بها لَوْنٌ أوصنفٌ خاص من البشر ،وإنما هي ظاهرة معروفة منذ قديم الزمان عند العديد من الأفراد والجماعات ، وما زالت حتى اليوم بارزة للعيان .- 3 - وخُلْفُ الوعد من الصفات الذميمة ، التي أجمع العقلاء على ذمّ المتصفين بها، والتذمر منهم ....انها مثلبة في الدين والخلق ...وأنها لتضعف أصحابها ، وتُفقدهم المصداقية ، وتدعو الى اهتزاز الثقة بهم الى حدّ بعيد .- 4 - وبالمقابل ، فان من يفي بوعوده ، ويردف تلك الوعود بالأنجاز ، يصبح مورداً للثناء والتقدير ، تشدو بمديحه الألسن ، ويشكره الناس على احترامه لكلمته ، وأحترامه لمن وعدهم ولم يخلفهم الوعد،وهكذا تتزاحم النقاط المضيئة في ملّفات الأوفياء بالوعود ، بأعتبارهم النماذج الرفيعة انسانياً وأخلاقياً وأجتماعياً .وحسبهم هذا الثناء العاطر وهذا التكريم الباهر .-5-والسياسيون من أكثر الناس أطلاقاً للوعود .ومَنْ منّا من لا يتذكر الوعود الأنتخابية التي كانت بمثابة السحائب الماطرة ، والتي فرح بها السذج والبسطاء من المواطنين ، ظنا منهم ، أنها ستعود عليهم بالنفع العميم ، وتوصلهم الى العيش الكريم ، حتى اذا ما انتهت الحلبة الأنتخابية ، وفاز الفائزون ،طويت كل تلك الصفحات ، وأصبحت القضية ، مفرده من مفردات التاريخ .وعض المخدوعون بتلك الوعود أصابع الندم ، وتفاقم عندهم الغضب وأضطرم ، لكنْ بعد أن وقع الفاس بالراس .....!!!-6-وتأتي الوعود بتحويل العاملين في أجهزة الدولة ومؤسساتها بعقود محددة الأجل ، الى موظفين على الملاك الدائم، في ضمن هذا السياق الحافل بالوعود العرقوبية .والوعود هنا ، ليست من طراز الوعود الشخصية .انها وعود رسميّه ....وعودٌ ممن يملك السلطة والقرار ، وليست وعود المتلاعبين بالألفاظ والمشاعر .ومع ذلك كله ، فان الالاف المؤلفة من أصحاب العمل وفقا للعقود المبرمة معهم ، مازالوا يتقلبون على جمر من الأنتظار، بعد ان أوشك الصبر على النفاد .-7-وشبيه بهذا الوعد الممنوح لأصحاب العقود ، وعود كثيرة أطلقها المسؤولون في قطاعات الزراعة والصناعة والأعمار ،وإعداد المساكن ، وأمتصاص البطالة ، وتفعيل المساءلة للمفسدين، الى اخر ما تحفل به قوائم الوعود المعلومة -8-والسؤال الان :الى متى تستمر هذه الحلقات المُتعِبه للمواطنين دون ان يجدوا فيها حلاوة الانجاز ؟أهي ضربٌ من ضروب التفنن بالضحك على الذقون ؟ أم أنها جرعات من التخدير ، تُعطى بين حين واخر لسبب معلوم ؟ان اساس التعامل بين الشعب والسلطة ،هو الثقة والمحبة المتبادلة بينهما .وكل ما يهدم هذين الركنين ، بشكل خطيئة كبرى ، وليس خطأً فحسب ان قوة الحكومة بقوة رصيدها الجماهيري ، وهذا الذي لابُدّ ان يُحسب له الحساب ، وألا يغيب عن بال المسؤولين .

حســـين الصـــدر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك