المقالات

العراق.. والتجربة الديمقراطية الفريدة

1456 17:18:00 2006-12-09

( بقلم : علي حسين علي )

يبدو ان العالم في معظمه لا يرى في العراق غير الارهاب والمفخخات والاجساد المتطايرة والجثامين مقطوعة الرؤوس او الاطراف.. وهذا ما عملت على ترسيخه وسائل الاعلام العربية –على وجه الخصوص- لأغراض طائفية او لأسباب اخرى لعل في مقدمتها الخوف من التجربة الديمقراطية العراقية والخشية من انتقالها الى بعض دول الجوار..

اراد الاعلام العربي الرسمي او الممول من قبل الانظمة العربية الاستبدادية ان يجعل من العراق منظراً مخيفاً للشارع العربي وللرأي العام الدولي في الوقت نفسه، وهو – أي الاعلام العربي الرسمي- بذلك انما يضرب عصفورين بحجر واحد، اولهما سحب الاضواء عن العملية السياسية العراقية الجديدة باشغال متلقي تلك الوسائل الاعلامية بصورة اخرى بشعة وجارحة للوجدان وتتمثل تلك الصورة بالمفخخات، سيارات واجساداً وغيرها من وسائل القتل الوحشي ليخرج – أو هكذا تريد وسائل اعلام ذات الغرض السيء- هذا المواطن وكأن ما يحدث فيه اما ان يكون فوضى دموية او هو نتيجة لممارسة الديمقراطية في هذا البلد.. والهدف الحقيقي من كل ذلك هو تبشيع الديمقراطية واظهارها بصورة مرعبة وما يترك ذلك من تداعيات على عقل وفكر المتلقي الذي سينحاز الى ما هو نقيض الديمقراطية - أي الحكم الاستبدادي - في الكثير من البلدان العربية بصفته الضمانة للاستقرار!!.

والهدف الثاني من حجر الاعلام العربي المحرض والمضلل هو محاولة اقناع الرأي العام الدولي وربما قادة الدول الكبرى بلا جدوى دعم العملية السياسية الجارية في العراق.. وقد التفت سماحة السيد عبد العزيز الحكيم الى هذه النقطة بالتحديد في مؤتمره الصحفي الاخير بواشنطن عندما اشار الى ضرورة الدعم الدولي لتجربة العراق الديمقراطية مؤكداً سماحته اصرار العراقيين على التمسك بها "لقد قطعنا شوطاً بعيداً باتجاه اقامة النظام الديمقراطي التعددي وقدمنا تضحيات كبيرة في هذا الطريق ونحن متفقون على عدم السماح بمصادرة كل التضحيات التي بذلت من قبل الشعب العراقي والشعوب الصديقة التي وقفت مع الشعب العراقي".

ولعلنا لا نبالغ عندما نقول بأن تجربتنا الديمقراطية جديدة على العراق والمنطقة بأسرها، وهي تجربة خلاقة وفريدة ولا يوجد لها نظير في الوقت الحاضر على الاقل في الوطن العربي.. فالعراقيون اجروا عمليتي انتخاب نزيهتين وناجحتين وباعتراف المراقبين الدوليين وكذلك استفتى العراقيون على دستور دائم يحفظ حق المواطن ويحترم كرامته وآدميته في دولة العدل والرفاهية.. وهذا الدستور الذي اقره اكثر من سبعين بالمئة قلَّ نظيره ان لم نقل ينعدم نظيره في منطقتنا.. وعند قيام مجلس النواب لم يكن تشكيل الحكومة امراً سهلاً، وليس مرد ذلك الا اضافة درس اخر من دروس الوعي بمتطلبات الواقع السياسي والاجتماعي وهو مبدأ التوافق كي تخرج الوزارة الجديدة ممثلة لجميع العراقيين بكافة اطيافهم، ولتبتعد هذه الوزارة عن سيطرة الاغلبية الى ساحة الشعب الذي هو الاكبر من الاغلبية على الرغم من الايمان بالاستحقاق الانتخابي الذي لم يعمل بكامل تفاصيله صوناً للوحدة الوطنية ومتطلباتها.. وكان الائتلاف العراقي الموحد (130 مقعداً في البرلمان) فضلاً عن الحلفاء في الاتحاد الكردستاني هو اعطى فرصة للتوافق من اجل مصلحة الوطن (العراق) على حساب اغلبيته الكاسحة هو والحلفاء.. ولعل ذلك يعطي صورة للايثار قلما تتمتع به كتلة نيابية كبرى تضحي بمكاسبها الانتخابية لصالح الوطن في أي برلمان من برلمانات العالم.

هذه التجربة الفريدة والممارسات الديمقراطية في العراق هي ما يخشى المستبدون واعلامهم الرخيص منه، ولهذا لا نعجز عن تفسير بعض المستبدين او ابناء الاستبداد الفكري طوال اكثر من اربعة عشر قرناً لا نعجز من ادراك مغزى دعمهم للارهاب ودفاعهم المستميت عنه.

بالتأكيد، فان بعض جيران العراق ممن لا يدعمون الارهاب يقدرون مواقفنا وتضحياتنا بمواجهة هذا الوباء الخطير.. ويدركون ان ما يحصل في العراق لن يظل حبيس حدوده في حال تمكن الارهاب من هذا البلد الامن المسالم.. فالخطر سيطالهم ايضاً ومن هنا دعا سماحة زعيم الائتلاف العراقي الموحد الى "ايجاد تعاون دولي واقليمي لمواجهة الارهاب الذي اتخذ من العراق قاعدة لتخريب العراق والمنطقة".

وفي اعتقادنا بان دول الجوار ليست جميعها غير مبالية في ما يجري من ارهاب في العراق لكن بعضها يبدو انه بدأ يفكر اخيراً بأن النار التي ستعم العراق في حال تمكن الارهاب من هذا البلد ستطالهم ايضاً.. وقد تأكدت هذه الحقيقة حتى قبل ان استطاع الارهابيون والتكفيريون في العراق من الشعور بالامان هنا في بلادنا وها هم ينقلون (نشاطهم) الى (الاحضان) التي ولدوا فيها ووفرت لهم الامن والدفء والمال والسلاح فضلاً عن الافكار الهدامة والظلامية.

واخيراً.. سنظل متمسكين بتجربتنا الفريدة هذه رغم ما نتعرض له من قتل وترهيب ونحن على يقين باننا سننتصر لا محالة.. فللباطل جولة وللحق الف جولة.. وما النصر لا من عند الله تعالى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك