المقالات

الاسلاميون ومشروعهم الثقافي /


حافظ آل بشارة

لم يعد أحد من المهتمين يسأل الاسلاميين في العراق عن مشروعهم السياسي ، بل يسألونهم عن مشروعهم الثقافي ، في العقود الماضية كانت السلطات تطارد الشباب المتدينين بتهمة السعي لاسقاط النظام القائم وتأسيس نظام اسلامي متزمت ، وكل من الطارد والمطرود والضحية والجلاد لا يعرفان ما هو المقصود بالنظام الاسلامي لأن نظرية الحكم والحاكمية الاسلامية كانت تدور في اوساط النخبة ، والاولوية للانقاذ وليس للبديل ، اليوم يشارك الجميع في مشروع حكم حر انتخابي واحد لا يهتم بالخلفيات العقيدية للشركاء أو للحاكم والمحكوم بل يركز على فلسفة الحقوق لأن مطالبة الانسان بالمأكل والملبس والمسكن والخدمات الصحية والضمانات المعيشية والرفاه قضية لا تحتاج الى تاطير عقائدي ، فهي حقوق انسانية يستحقها البر والفاجر ، الاسلام يتناول امورا اكثر أهمية وجوهرية في الحياة ، تبدأ بالرؤية الكونية كأساس تبنى عليه الهوية الثقافية للانسان وما تضم من معايير مطلقة ، البناء الثقافي هو الاصل والسياسة وما تنتجه من سلطة وسيلة وليست غاية ، وسيلة لاقامة العدل ومساعدة الانسان على بلوغ سعادته باكتساب الكمالات المختلفة بتوفير بيئة مثالية للنمو المعرفي والاخلاقي وحماية الحريات ، يقال بان الاسلاميين في العراق مرتاحون جدا للديمقراطية لانها الاقرب الى نموذجهم وتطلعاتهم ، يندمجون في سياقاتها كنوع من المرحلية او المناورة او الاستثمار الايجابي ، على امل ان يشرق انموذجهم السياسي لاحقا لكن يبدو انهم أمسكوا بالمناورة واضاعوا المشروع ، واذا كان لهذا الفقر السياسي مايبرره فلا يوجد اي مبرر لتضييع المشروع الثقافي ، اجواء الحرية فتحت مضمار السباق بين الرؤى والثقافات والهويات الحضارية المختلفة ومن لم يحقق حضورا في الساحة اليوم فقد ينقرض ، الذي يجري في الساحة الثقافية العراقية راهنا هو اعادة تسويق الرؤية اليسارية ، صالات النقد الادبي والندوات الفكرية والمعارض الفنية والحلقات النقاشية ، تتصدرها وجوه اليسار السبعيني واتباعهم ، فهم يروجون لبضاعة قديمة مازالت قادرة على جذب الآخر لا بسبب تفوقها بل بسبب الفراغ القائم ، وقد تحولت انشطتهم الى مخزن ذكريات يستمد قوته من الذاتي ويحاول ان يستوقف قافلة الحياة التي تسير بسرعة خاطفة باتجاه آخر يمكن ان نسميه (اللااتجاه) ، انه بقية ابداع الشيوخ وغياب الشباب عن هذه التجربة المنتهية ، الفضائيات والصحف والدوريات تستقبل حشدا يعيش على الماضي وحشدا آخر يمثل ضجيج العولمة الجديدة ، وبين النموذجين لا نجد اثرا للمشروع الثقافي الاسلامي ومفرداته ، أدب وفن ونقد وتحليل وسينما ومسرح وفنون جميلة وفكر ونظريات ليس للاسلاميين فيها رأي ولا مساهمة ، اذا كانوا قد اجلوا أفكارهم السياسية ، فهل اجلوا رسالتهم الثقافية هي الاخرى أم انهم يفتقرون فعلا لوجود رسالة من هذا النوع ؟ هذا السؤال موجه دائما الى رموز الحركات الاسلامية الذين انشغلوا بالشأن السياسي واهملوا المشروع الثقافي ومفرداته .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو موسى الحلي
2011-03-31
الفاضل حافظ حفظكم الله من كل سوء من المتابعين لكتاباتكم ذات الرؤية الواعية فيما يخص موضوعكم هذا فقد استطاعت الاحزاب المتأسلمة في الساحة العراقية على تشويه صورة الاسلام فضلاً عن البحث عن هوية ثقافية للمجتمع فما قيمة الفن والمسرح والادب في اجواء الحرية ونحن نرى الانتساب الى احزاب اسلامية متزامن مع دفاع عن المفسدين والظلمة بل وقتل المتظاهرين دون حساب او رادع فقد طغت هذه الرؤية دون الحاجة للمناورة ولكي يحدث التغير نحتاج الى نموذج قادر على مسح الصورة وبناء نموذج يحتذى به ليبدأ المشروع الحقيقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك