المقالات

المصارحة في عملية المصالحة ( في ضوء الإعتداءات على مدينة الصدر )


( بقلم : عبد الرزاق السويراوي )

لا شك أنّ مدينة الصدر , تتميّز عن باقي مدن العراق الأخرى , بمزايا كثيرة قد لا تجتمع بهذا الكم في أيّ مدينة أخرى , فهذه المدينة , في الوقت الذي غالبية سكانها هم من الشرائح الفقيرة التي تكدح طيلة أيّام سنتها , فأنّها غنية بكثافة سكانها الذي قد يربو على المليونين بكثير , وهي الى جانب فقر الكثير من سكانها فأنها غنية أيضا بمثقفيها وشعرائها وأدبائها وفنانيها. وهي الى جانب بؤس شوارعها وأزقتها وتواضع بيوتاتها , فأّن معظم أناسها مضيافون كرماء النفس وينحدرون من أصول عربية تعود الى أشهر البطون العربية وهم ليفتخرون بذلك ,الأمر الذي يجعل منهم إنموذجا رائعا للصورة المرسومة في الأذهان عن إجمل الشمائل العربية . وهي الى جانب ذلك أيضا قدّمت من الشهداء أيام الطاغية المقبور , ما لم تقدمه أية مدينة أو محافظة أخرى وأنّها لتفخر بذلك أيضا . و من ناحية الحيف والعسف الذي وقع على كاهل أهلها سواء على مستوى الخدمات أو الأهمال المتعمد سابقا , فأنّ هذه المدينة , قد لا تبزّها أية مدينة أخرى .

وفي زمن ما بعد السقوط , وقع عليها من الإعتداءات وأعمال العنف والأرهاب ما لم تشهده مدينة أخرى وربما لا تكون كارثة جسر الأئمة هي أولّها وبالتأكيد ليس آخرها , واليوم وضمن ذات المسلسل الإجرامي ضد أبناء هذه المدينة البطلة, حدثت كارثة أخرى لا تقل عن مأساة جسر الأئمة . والواقع أن الدوافع التي تكمن خلف اندفاع المجرمين من التكفيريين والصداميين وممن جمعتهم بهم موائد الدم والدولار المغمّس بالعار , باتت مكشوفة لأتباعهم ومؤيديهم قبل مناوئيهم , لكن الذي يدعو للتسائل حقا , هو عدم المبادرة من لدن المسؤولين في الحكومة على تفعيل قانون مكافحة الإرهاب وقد لا نبالغ إذا ما قلنا بأن جميع العراقيين المحبين للسلام والمتطلعين لوحدة الصف يطاالبون بتفعيل هذا القانون وبما يتناسب مع أهمية مردوداته الفعالة التي من ِشأنها إذا ما طُبّق هذا القانون ولو بمستويات معينة أن يساعد في إحتواء الكثير من أسباب العنف والإرهاب , وفي ذات الإتجاه فانّ ما يلاحظ على وسائل الأعلام المتعددة خصوصا القنوات الفضائية , هو أن الكثير من القادة السياسيين ومن الكتل البارزة المعروفة بأفكارها غير ( المعتدلة ) باتت تروّج لأفكار أقل ما يقال عنها أنها تصب الزيت على النار بغية تأجيج نار الفتنة الطائفية وبما يضعها دون لبس تحت طائلة مضامين قانون مكافحة الإرهاب , غير أن الذي يمكن تلمسه عدم إخضاع مثل هذه التصريحات الهدامة لمواد وفقرات القانون المذكور الذي يرد ذكره كثيرا في وسائل الأعلام و بضرورة إنجاح مشروع المصالحة , وفي قبال ذلك كما قلنا فأن تصريحات هؤلاء السياسيين وكما أثبتتها الوقائع , تسبح دائما , ضد تيار المصالحة , لا بل أن بعضها يسعى جاهدا وبكل ما أوتي من خبث السريرة والحقد الدفين , لبث رياح الفرقة بين مكونات الشعب العراقي وطوائفه منطلقاً من هاجس الخوف الذي يرعبه والمتأتي من الحالة التي يعرفها أكثر من غيره , مِنْ أنّ الأمور إذا ما تُركتْ وهي تنهج المسار المرسوم لها من قبل الذين تهمهم مصلحة العراق قبل أي شيء آخر , فأنها صائرة لابدّ الى حالة التغيير التي يتطلع اليها العراقيون ,

من هنا فان هذا الأمر يعني من ضمن ما يعنيه , أنّ هذه العناصر ليس أمامها غير خيار كشف عورة ابن العاص , متيقنة بأن اتباع علي وأهل بيته عليهم السلام لهم أسوة في إمامهم يوم عفّ عن النظر الى سوءة ابن العاص , متناسين أنّ العرب تقول : لكل مقام مقال , والمقام بات الآن أكثر إلحاحا على ( المصارحة !! ) في كل شيء بدلا من السكوت غير المجدي الذي يتوهمه البعض بأنه نوع من الضعف , ومع كل ذلك فلينظروا , إنْ كان لهم نظر , الى مواقف مراجعنا من جريمة الصداميين الكبيرة في مدينة الصدر عصر يوم 23 /11/2006 وكيف نظروا الى هذا الأمر , وشدّدوا على ضرورة ضبط النفس والتحلي بالصبر الجميل , ولكن عليهم أنْ لا ينسوا بأن هذا الضبط للنفس , يدعو عاجلا أمْ آجلا الى ضرورة كشف المسكوت عنه لتكون ( المصارحة ) هي الفيصل , أو بمعنى آخر ليكون شعار : المصارحة قبل المصالحة , بدلا من الإختفاء وراء شعارات حق يراد بها باطلا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك