المقالات

موعد لرحيل الفراتين


/ حافظ آل بشارة

مر اليوم العالمي للمياه بصمت ، يوم اختلقته الامم المتحدة ونعم الاختلاق ، استثمرته المنظمة الدولية لنشر تقارير محزنة عن ازمة المياه الحلوة في العالم . تقارير مخيفة عن الأزمة وتداعياتها المختلفة ، وهناك جزء يتعلق بأزمة الماء في العراق الذي يسمونه بلاد مابين النهرين او الرافدين منذ آلاف السنين لكن التقرير الاممي يقول ان النهرين سيجفان تماما سنة 2040 وهذا يعني انعطافا تاريخيا في حياة هذا البلد الذي لا نعرف بماذا سنسميه اذا فجع بفقدان نهريه بسبب تحولات مناخية قاسية وجفاف متواصل ، الا ان عبث العباد له اثر كبير في غياب نعمة الماء فقد كان شعب النهرين طيلة عقود يتفنن في تبذير الماء خاصة عندما تحول اخيرا الى ممر صحراوي قاحل يخترقه النهران العظيمان وهما يواصلان رحلتهما من تركيا الى الخليج مارين بالعراق مرور الكرام فلا يغترف من الماء الا القليل ليذهب معظمه الى الخليج هدرا ، هل هناك تبذير وتفريط اكثر من هذا ؟ عندما يفقد الماء قيمته في هذا البلد سيكون نعمة مهانة وسيأخذها الذي اعطاها سبحانه ، ومع وجود ظاهرة المرور المائي المؤسف لم يشهد العراق يوما اي انتعاش لقطاعه الزراعي مع ان مصادر الامم المتحدة نفسها ترى بلغة الارقام ان العراق يمكن ان يتحول الى سلة غذاء متنوعة للمنطقة والعالم ويمكنه ان يحتل موقع الدولة الاولى المصدرة للفواكه والتمور والخضر والمنتجات الحيوانية المختلفة بسبب توفر الماء الوفير والارض الخصبة بما يؤهله للتخلص من هيمنة النفط في اقتصاد احادي معرض للتقلبات ، مياه دجلة والفرات متفجرة مائجة كبطون الحيات لكن الجفاف التأريخي الخطير يزداد اتساعا مع تلكؤ وفشل في استثمار المياه الجوفية كبديل عن المياه السطحية ، ومع الجفاف تسود ظاهرة تملح التربة التي تجعلها غير صالحة للزراعة حتى وان توفر لها الماء ، بسبب ارتفاع مستوى المياه الجوفية وغياب منظومة الاستصلاح والبزل ، فمن الاعلى جفاف ومن الاسفل املاح ، تقرير الامم المتحدة ضم ارقاما اخرى مؤسفة ، حيث سيواجه العراق صعوبات كبيرة في تزويد 91% من المنازل المأهولة بماء الشرب سنة 2015 ولم تعد مياه الشرب ثروة مباحة بل اصبحت تتميز بعنصر الندرة كسلعة اقتصادية لها ثمن لما يتم انفاقه من اموال لانتاجها ولكن احصائيات اممية تقول بان نصف المياه المجهزة في العراق تذهب هدرا بسبب انهيار البنى التحتية والتسرب وسوء التوزيع ، وقال التقرير : ان اكثر من ستة ملايين من العراقيين لا يحصلون على ماء صالح للشرب مما ادى الى انتشار امراض ناتجة من التلوث ففي النصف الاول من سنة 2010 سجلت 360 الف اصابة بمرض الزحار ، ومع ان نهر دجلة يلفظ انفاسه الاخيرة بسبب الجفاف يعمد الناس الى تنجيس هذا النهر العظيم في ايام شيخوخته بصب 250 الف طن يوميا من مجاري الصرف الصحي في النهر ، البعض يعتقد ان لدينا ازمة أفكار وخطط في مواجهة ازمة المياه الحالية والمرتقبة ، والحقيقة ان ازمتنا ازمة تنفيذ الأفكار فقد اصاب هذا البلد مرض كثرة الكلام وطول الامل وقلة العمل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك