المقالات

ماذا قال هيكل عن القذافي؟


عادل الجبوري

وانا اتابع -مثلي مثل غيري من ملايين الناس-ماجرى ومايجري من وقائق واحداث دراماتيكية في مغرب الوطن العربي ومشرقه، رحت ابحث واقلب اوراقا من صفحات التأريخ، علني اجد اوجه ترابط بين الماضي والحاضر، وبالفعل فأن التدقيق والتأمل الموضوعي العميق يفضي الى العثور على اوجه ترابط عديدة.ولان المقدمات كانت خاطئة بهذا القدر او ذاك، فأنه من الطبيعي ان تكون النتائج خاطئة، بل وكارثية، وتجربة العراق الاستبدادية التي طويت صفحاتها قبل ثمانية اعوام مازالت تمثل شاهدا حيا على ذلك، لتظهر شواهد اخرى في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، وربما في بلدان عربية اخرى.في الثاني والعشرين من شهر حزيران-يونيو من عام 1992 كتب الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل مقالا في صحيفة "يوميوري شيبمون" اليابانية الواسعة الانتشار ضمن باب ثابت هو (نظرات على العالم) وكان عنوان المقال(القذافي واعلان الجهاد)، قال فيه انه اول شخص التقى القذافي بعد ما سمي بثورة الفاتح في عام 1969 كمبعوث خاص من الرئيس المصري حينذاك جمال عبد الناصر، وحينما سأله الاخير عن انطباعاته بعد اجتماع دام خمس ساعات مع العقيد وضباط اخرين "ان الشاب البدوي الذي رأيته يذكرني بمهر عربي جميل واصيل، لكنه مازال بكل عذرية الصحراء او البراري المفتوحة وبراءتها ونقائها وحيويتها، وهو يقدر ، اذا استطاعت المسؤولية الوطنية ترويضه، ان يكون جوادا قويا وقادرا من نوع نادر، لكنه اذا لم يحدث ترويضه سوف يظل شاردا وقادرا على الحاق الاذى بنفسه وبكل ماحوله من الاشياء الى الناس".هذه الرؤية التي تعود الى اكثر من اربعين عاما من الزمن، نشهد ونلمس مصاديقها الان على ارض الواقع بصورة جلية وواضحة الى ابعد الحدود.والقذافي ليس هو النموذج السيء الوحيد في العالم العربي، بل ان هذا العالم حافل بالنماذج السيئة في قمة هرم السلطات، بيد انه النموذج الاسوأ والاكثر حماقة وتهورا ودموية بعد صدام حسين.ان الانظمة السياسية العربية الحاكمة، بدلا من ان تنهض بشعوبها ومجتمعاتها وتتقدم بها الى الامام عادت بها الى الوراء مسافات طويلة شاسعة، وفي الوقت الذي تريد ان تبقى امد الدهر على عروشها، تريد ان تفرض التخلف والجهل والحرمان على الشعوب، وتشيع ثقافة الخنوع والانهزامية والضعف، والا كيف نفسر استخدام الطائرات والمدافع والدبابات والاسلحة الكيمياوية للرد على الذين يطالبون بأبسط حقوقهم، وكيف نفسر فوز الاحزاب الحاكمة في كل انتخابات بالغالبية المطلقة من الاصوات بينما مظاهر الرفض والاستياء نراها هي السائدة في كل زوايا العالم العربي، الا ماندر. تغيرات وتحولات نصف قرن الماضي كانت مهمة وضرورية في سياق التغيرات والتحولات العالمية، لكن ادواتها ووسائلها ورؤاها كانت خاطئة، واذا لم تكن الاخطاء والسلبيات ظاهرة ومشخصة للكثيرين فأنها الان -وبعد ان طفح الكيل-بانت واتضحت وتجلت بالصور المأساوية والبشعة والدموية التي نشاهدها لحظة بلحظة بفضل ثورة المعلومات والاتصالات التي جعلت من العالم المترامي الاطراف قرية صغيرة(Little village)، اذ لم يعد بأمكان القذافي وامثاله ان يرتكبوا حماقاتهم وجرائمهم بعيدا عن الانظار مثلما كان عليه الحال قبل اربعين وثلاثين وعشرين عاما ، او حتى قبل عشرة اعوام، لكن بأمكانهم ان يدمروا ويخربوا ويقتلوا ويكتفي العالم بالمشاهدة والتألم، مثل شخص يشاهد عبر شاشة التفاز او في صالة سينما فيلما تراجيدايا مأساويا يجعل الدموع تنهمر من عينيهوهذا ماهو حاصل حتى الان!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك