المقالات

مشتركات التغيير


جواد العطار

المظاهرات العفوية التي تسير في شوارع بغداد وبعض المحافظات في الشمال والجنوب، تشير إلى حقيقة أن الشارع غير راض عن الأداء السياسي بشكل عام؛ والأداء البلدي بشكل خاص، وبالذات بعد ان ادى المواطن ما عليه؛ بدءا من اسناد العملية السياسية في مواجهة الارهاب والاستهداف؛ مرورا بالصبر الطويل على المشاحنات والخلافات السياسية؛ وصولا الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من آذار من العام الماضي. ورغم ذلك فان مطالب شرائح واسعة من الشارع العراقي لم تتجاوز الدعوة الى توفير الخدمات، وبتطورها الأقصى، لحد الآن، في الإصلاح والقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين .اذاً، ما زال الحق مع التظاهر والى جانب المتظاهرين وارداً ، لعدة أسباب، منها :1. ان حق التظاهر مكفول في الدستور العراقي ، ولا غبار او خلاف على ذلك .2. ان مطالب المتظاهرين بسيطة وتمثل جزءا تكميليا وضروريا من حقوق المواطنة .3. ان اغلب المظاهرات ما زالت صغيرة معبرة ومسالمة، إلا ما حدث في محافظة الكوت وناحية النصر في ذي قار.4. إن المتظاهرين لم يجدوا آذانا صاغية، تسمعهم وتنظر في مطالبهم .

لكن المسألة ليست في الحق، والى أي جانب يقف، جانب الحكومة التي لم تكمل اشهرها الأولى، أو مع الشعب للأسباب أعلاه. لأن الموضوع اكبر من ذلك وابعد في مداه وتأثيره عندما يذهب البعض الى المقارنة بين الوضع الحالي والاوضاع التي سادت كل من تونس ومصر في الشهرين الماضيين او استمرار الاحداث في بلدان مثل اليمن وليبيا، لأنه لا مجال للمقارنة او المقاربة.فثورتا الياسمين والتغيير في تونس ومصر، قادتها الجماهير؛ كل الجماهير؛ وبمطلب واحد هو تغيير النظام، ضد أنظمة عسكرية ركبت عربة الديمقراطية لعقود. فالرئيس المصري المخلوع كان طيارا وقائدا لسلاح الجو، والرئيس التونسي المخلوع كان جنرالا في الجيش وتدرج في اعلى مناصبه قبل قيامه بالانقلاب على الحبيب بورقيبة عام 987 . وكذا الاضطرابات والاحتجاجات الجارية في كل من ليبيا واليمن، هي ذاتها ضد انظمة وصلت الى الحكم عن طريق القوة والانقلاب، مثل القذافي قبل اكثر من اربعة عقود، أو من خلال المؤامرة، مثل علي عبد صالح قبل اكثر من ثلاثة عقود. إلا إن ما يميز احداث هذه البلدان مشتركات، منها:• إن المطالبة بالتغيير جرى ويجري ضد انظمة عسكرية لبست ثياب الديمقراطية.• ان هذه الانظمة وصلت الى الحكم عن طريق الثورة او الانقلاب او المؤامرة، واستمرت على ذات النهج لم تتغيير او تتحول لعقود. • إن شعوب هذه البلدان بكل اطيافها وفئاتها، توحدت تحت مطالب واحدة ومشتركة في سبيل اسقاط هذه الانظمة . • ان المظاهرات خرجت في وقت واحد، وكانت مليونية مسالمة ومؤثرة، لذا جاءت مؤثرة في نتائجها.

هذه المشتركات كانت، وما زالت، سببا في رياح التغيير التي هبت وتهب على المنطقة العربية خلال الفترة الاخيرة، ولكن ما يحسب لهذه المظاهرات سلميتها العالية والغالية في مواجهة البطش والقوة . واذا كان العراق جزءا من محيطه العربي والاقليمي يؤثر ويتأثر بما يجري حوله ، فان محاولة الربط بين مظاهرات العراق ومظاهرات المنطقة غير قابلة للتطبيق لاسباب تتعلق بطبيعة النظام في العراق واختلافه عن الانظمة العربية التي سقطت او التي ستسقط . لكن ما يجب الاستفادة منه في تجارب الآخرين وتجارب الشعوب هو السلمية في التصرف اثناء التظاهر، وتوحيد المطالب وتركيزها واختيار لحظة الخروج والتجمع ومكان التجمع بما لا يعيق الحياة العامة او يعطلها، لان المطالب لن تأتي ثمارها بالتعنت او الخروج عن الاطار السلمي في ممارسة حرية التعبير او بالتعرض الى المال العام او تخريب المؤسسات والمباني الحكومية لانها وجدت لخدمتنا ومن اجلنا. وفي اليوم الذي تواجهنا الحكومة او بعض القوى الأمنية، بإجراءات تعسفية أو باستخدام القوة والعنف، فيجب أن نواجهها بالسلم وبالورود وبالتحية الحمراء وباللاعنف. وإذا كان العنف لا يولد الا عنفا، فان نظرية الامام الراحل السيد محمد الشيرازي في اللاعنف اثبتت ، وبما لا يقبل الشك ، خلاف ذلك تماما ، حين ذكر ان العنف لا يولد عنفا ... بل العنف الذي يقابله لاعنف يولد آمالا جديدة وطريقا نحو مستقبل افضل ... وهذا ما ينبغي ان ينشده المتظاهرون .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك